بعد مقال سابق له بعنوان «أميركا تخسر الحرب في سورية» والذي نشره موقع فورين بوليسي وأقر فيه بكل وضوح بفشل سياسات إدارة بلاده وما سماه استراتيجياتها في سورية، لم يجد سفير واشنطن السابق لدى سورية روبرت فورد أي حرج في الكشف عن مصير الأدوات الإرهابية التي تعتمد عليها واشنطن لتنفيذ مخططها التخريبي في سورية، ورغم مغالطاته في مقاربته للدعم الأميركي المتواصل للإرهابيين، تحدث فورد في مقالة نشرت أمس عن أن أميركا لا تستطيع أن تفعل الكثير لدعم أدواتها الإرهابية في سورية بعد الآن، علماً أن قوات الاحتلال الأميركي أعادت خلال الأيام الماضية فتح معسكرات تدريب جديدة للتنظيمات الإرهابية، وتسعى لإعادة تعويم غرفة «موك» مجدداً، للإشراف على عمليات تصعيد محتملة لتلك التنظيمات الإرهابية بحق المدنيين ومواقع الجيش العربي السوري، وقد جرت بالفعل بعض من تلك العمليات في الجنوب السوري مؤخراً.
فورد الذي انضم إلى مجموعة من المسؤولين الأميركيين الذين أدخلتهم مزاعم حملة إدارتهم العسكرية ضد تنظيم داعش الإرهابي في حالة من التخبط والإحباط، زعم أن بلاده تقدم الدعم والمساعدة لمرتزقة «قسد» تحت ذريعة أنهم يحاربون داعش، ولكنه وجه في الوقت نفسه رسالة إلى أولئك المرتزقة والمراهنين على الدعم الذي تقدمه واشنطن لهم أن هذا الدعم سينتهي يوماً ما، وقال: لا أحد يعلم كم من الوقت ستستمر العلاقة الخاصة التي تربطنا بـ» قوات سورية الديمقراطية» لكن خبرتنا تقول إنها ستنتهي يوما ما، في مؤشر على مستقبل أولئك المرتزقة وأن تخلي واشنطن في انتظارهم.
كما وجه فورد رسالة لكل المراهنين على أميركا بألا ينتظروا شيئاً من واشنطن، وبشكل خاص للتنظيمات الإرهابية المنتشرة في إدلب والتي تنتظر دعماً أميركياً فقال: لا أحد في واشنطن مستعد للمخاطرة بحرب عالمية ثالثة من أجل سورية.
مقال الدبلوماسي الأميركي يعكس حقيقة التراجع في القدرة الأميركية دولياً حيث بين أن واشنطن غير قادرة على تمرير قرار في مجلس الأمن الدولي يتيح لها شن عدوان على سورية تحت مظلة الأمم المتحدة بسبب الموقفين الروسي والصيني اللذين أحبطا حتى اليوم عدة محاولات أميركية وغربية في المجلس.
ولفت في هذا الصدد إلى أن التدخل ضد دولة أخرى يحتاج إلى موافقة مجلس الأمن، إن لم يكن التدخل رداً على اعتداء مباشر، مشيراً إلى أن الشرطين غير متوافرين، فسورية لم تهاجم الولايات المتحدة، ومجلس الأمن لن يصدر ذلك القرار، لأن روسيا والصين ستستخدمان حق النقض ضده.
وحاول فورد أيضاً في تصريحاته كشف أوراق كانت الولايات المتحدة تنكرها دائماً بما فيها مسؤوليتها عن معاناة المدنيين في مخيم الركبان الذين تحتجزهم القوات الأميركية ومرتزقتها الإرهابيون منذ سنوات، مقراً بأن الأميركيين لا يقدمون أي مساعدة للمدنيين هناك.
وتحتجز قوات احتلال أميركية آلاف المدنيين وتتعاون مع مجموعات إرهابية تنتشر في مخيم الركبان وتعمل على ابتزاز المهجرين والسيطرة على معظم المساعدات الإنسانية التي تصل إلى المخيم ما يفاقم الأوضاع الكارثية للمدنيين ويهدد حياة الكثيرين منهم وخاصة الأطفال.
تصريحات فورد الجديدة تؤكد ما قاله قبل عامين من أن محاولات الولايات المتحدة لإسقاط الدولة السورية تتلاشى إن لم تكن أصبحت بعيدة المنال وخيالاً، إضافة إلى أن خيار دعم الجماعات المسلحة يجب أن يخرج من المعادلة وذلك لأن الجيش السوري عازم على استعادة كامل البلاد.
تصريحات فورد تعكس حالة من التخبط والإحباط للكثير من المسؤولين الأميركيين في وقت أكدت فيه التقارير أن التحالف الذي أنشأته واشنطن عام 2014 لمحاربة هذا التنظيم كان استعراضياً بل عملت واشنطن من خلاله على نقل ما تريده من إرهابيين بالطائرات من مكان إلى آخر وعملت على حمايتهم، في وقت قتلت فيه آلاف المدنيين في دير الزور والرقة والحسكة ودمرت الكثير من الجسور والمرافق الحيوية.
وكالات – الثورة
التاريخ: الثلاثاء 30-7-2019
رقم العدد : 17037