جارتنا «أم الفوز» امرأة شابة ولودة أنجبت تسعة أولاد وهي الآن حامل وإذا ساعدتها الظروف ستحطّم الرقم القياسي العالمي بالإنجاب.
تُسرّح الجارة أولادها في الحارة كل يوم منذ الصباح، للسهر على راحة الجيران، وعلى قاعدة المثل الشعبي (الله موصى بسابع جار)، خصّصت لكل جار عفريتاً صغيراً كما يقولون (شاقق الأرض وطالع) كي يسليه ويلهمه الأفكار العظيمة..!
عاتبتها أكثر من مرة وشكوت لها تصرفات الأولاد وشغبهم وإزعاجاتهم في الحارة وتذمّرت من «قذائفهم» العشوائية على الأبواب والنوافذ، فأقسمت يميناً معظّماً أن أولادها لا يخرجون من البيت إلا لأمر جلل..!
ــ الله يسامحك أستاذ ولادي (متربايين أحسن ترباية).. متفوقون بدراستهم.. و(بكرا رح يصيروا أحسن دكاترة بالدني)..؟!
ــ أحسن دكاترة.. الله يحميهم من الحسد..!
المشكلة أنّه لا دليل لدي أقدّمه للست أم الفوز على ارتكابات أولادها بحقي وبحق الجيران، فجميع أولاد الحارة يشبهون بعضهم مثل أولاد البطريق.
مع بداية الصيف لاحظت نقصاً متكرراً في اكسسوارات سيارتي الخارجية من مسّاحات بلور وغمازات ومرايا جانبية وستوبات..إلخ، وهي نفس الملاحظة التي شكا منها أغلب أصحاب السيارات في الحارة، فكبر لدي الفضول لمعرفة ما يجري، وتعمّدت القيام بجولة ليلية للقبض على الحقيقة.
عندما اقتربت من السيارة في العتم كانت تشبه هونداية سيران، أطفال من أعمار مختلفة يجلسون ويسيرون فوقها، بينما مراهق يحاول فتح أحد الأبواب بعنف، فصرخت بهم فتطايروا مرعوبين مثل رفّ دوري، فتعثّر أحدهم واستطعت الإمساك به:
ــ قل لي من أنت وأسامحك..!
ــ فوزات أستاذ أنا فوزات..!
ــ الله يحميك…ونعم التربية يا بن أم فوزات..!!
عبد الحليم سعود
التاريخ: الأربعاء 31-7-2019
رقم العدد : 17038