يستذكر الفلسطينيون اليوم ذكرى مرور 50 عاماً على حريق المسجد الأقصى المبارك، حيث أقدم في 21 آب 1969 متطرف أسترالي الجنسية يدعى مايكل دنيس روهان على إشعال النيران بالمصلى القبلي بالمسجد الأقصى، وشبّ الحريق بالجناح الشرقي للمصلى الواقع في الجهة الجنوبية للمسجد، والتهم كامل محتويات الجناح، بما في ذلك منبر صلاح الدين الأيوبي التاريخي، كما هدد قبة المصلى الأثرية، لتظل جريمة إحراق المسجد الأقصى من أخبث الجرائم التي نفذها الاحتلال الإسرائيلي، من أجل تنفيذ مخططه بهدم المسجد، وبناء الهيكل المزعوم.
وبحسب المؤرخين فإن المحاولة التي قام بها المتطرف الأسترالي، والذي تسترت عليه سلطات الاحتلال وعلى جريمته واعتبرته مختلا وقامت بترحيله إلى بلاده، لم تكن الأولى في مسلسل الاعتداءات على الأماكن المقدسة في القدس، حيث دمرت هذه العملية ما يزيد على 1500م من مساحة المسجد الإجمالية البالغة 4400 م، أي ما يعادل ثلث مساحته.
وقد أكد العديد من الباحثين بأن الحريق أدى إلى إحراق الجامع القبلي الذي سقط سقف قسمه الشرقي بالكامل، كما احترق منبر نور الدين زنكي، وأجزاء من مسجد عمر المجاور للمسجد الأقصى وكامل سقفه من الطين والجسور الخشبية، وكذلك محراب زكريا المجاور لمسجد عمر، وأروقة وسجاجيد نادرة، وجزء من سورة الإسراء مصنوعة من الفسيفساء المذهبة فوق المحاريب.
واليوم يتعرض المسجد الأقصى لأخطار كثيرة من قبل قوات الاحتلال، حيث أعمال الحفر وبناء الأنفاق أسفل المسجد لا تزال مستمرة وأدت إلى تقويض عدد من أساساته، فضلا عن الممارسات الصهيونية القمعية تجاه المصلين وإغلاق أبواب المسجد أمامهم بشكل شبه يومي، إضافة إلى الاقتحامات المتواصلة للمسجد من قبل المستوطنين تحت حراسات مشددة من قبل قوات الاحتلال.
والمسجد الأقصى هو أحد أكبر مساجد العالم ومن أكثرها قدسيةً للمسلمين، وأول القبلتين، يقع داخل البلدة القديمة بالقدس في فلسطين، وهو كامل المنطقة المحوطة بالسور واسم لكل ما هو داخل سور المسجد الأقصى الواقع في أقصى الزاوية الجنوبية الشرقية من البلدة القديمة المسورة، تبلغ مساحته قرابة 144,000 متر مربع، ويشمل قبة الصخرة والمسجد القبلي والمصلى المرواني وعدة معالم أخرى يصل عددها إلى 200 معلم، ويقع المسجد الأقصى فوق هضبة صغيرة تُسمى «هضبة موريا»، وتعد الصخرة أعلى نقطة فيه وتقع في قلبه.
نصف قرن تمر على جريمة إحراق الأقصى وما زال الكيان الصهيوني يواصل تصعيده الممنهج في تنفيذ مخططاته التهويدية الرامية إلى طمس معالم مدينة القدس المحتلة ومقدساتها وإلغاء الوجود الفلسطيني فيها وتزوير تاريخها في ظل دعم مطلق من الإدارة الأميركية وصمت مطبق من المجتمع الدولي، وهذه الجريمة لم تكن سوى حلقة من حلقات التهويد المتواصل لمدينة القدس المحتلة، لكن الحرائق لم تنته وتأخذ اليوم أشكالا أكثر خطورة وخاصة بعد اعتبار الرئيس الأميركي دونالد ترامب القدس المحتلة عاصمة لكيان الاحتلال في السادس من كانون الأول عام 2017 الأمر الذي شجع سلطات الاحتلال على التمادي في التضييق على أهالي القدس المحتلة في مختلف نواحي الحياة لضرب مقومات صمودهم وتهجيرهم قسرا عنها سواء عبر الاقتحامات المتكررة للأحياء والبلدات وقتل الفلسطينيين بالرصاص الحي أو الاعتقال الجماعي، أو من خلال هدم المنازل وتدمير المنشآت فضلاً عن التصعيد الممنهج لتهويد المسجد الأقصى وهو ما يظهر جلياً في استهداف قوات الاحتلال المتكرر لمصلى باب الرحمة والاعتداء على حراس الأقصى وموظفي الأوقاف والمصلين وسط تواصل الحفريات التي تنفذها سلطات الاحتلال أسفل المسجد وفي محيطه وتهدد بانهياره.
وفي هذا السياق ركزت المحاضرة التي أقامتها أمس مؤسسة القدس الدولية- سورية بالتعاون مع اللجنة الشعبية العربية السورية لدعم الشعب الفلسطيني ومقاومة المشروع الصهيوني بعنوان «جريمة إحراق الأقصى جزء من مخطط تهويد القدس» على ممارسات كيان الاحتلال الإسرائيلي واعتداءاته المتكررة على حرمة المقدسات في مدينة القدس المحتلة بغية تغيير طابعها وطمس معالمها.
وأشار المستشار رشيد موعد القاضي بمحكمة الجنايات سابقا في محاضرته التي ألقاها في المركز الثقافي العربي بأبو رمانة إلى أن جريمة إحراق المسجد الأقصى لم تكن حدثا عابرا بل خطوة على طريق اعادة بناء ما يسمى الهيكل اليهودي المزعوم مكان المسجد الاقصى رغم كل المواثيق الدولية التي تمنع المساس بالمقدسات والآثار.
ولفت موعد إلى حالة الصمت المطبق لدى بعض الحكومات العربية والاسلامية وسكوتها على جميع الاعتداءات والممارسات الاسرائيلية معتبرا أن هذه الحكومات تعيش اليوم أسوأ حالات التردي والتفكك والانقسام.
وتركزت مداخلات المشاركين في المحاضرة على ضرورة التصدي لاقتحامات قوات الاحتلال والمستوطنين للاقصى مؤكدين ضرورة العودة للهوية العربية وحشد الموقف الوطني الفلسطيني والعربي والاسلامي لوضع استراتيجية عملية لمواجهة الخطوات التي تتخذها الولايات المتحدة لتمرير ما يسمى صفقة القرن.
ووقعت جريمة احراق المسجد الأقصى في الـ 21 من آب عام 1969 حيث أقدم المجرم الصهيوني مايكل دينس روهان على حرق المسجد وأتت النار على أكثر من ثلث المساحة الاجمالية للمسجد لتبلغ المساحة المحترقة ما يزيد على 1500 متر مربع من المساحة الاصلية البالغة 4400 متر مربع كما ألحقت نيران الحريق ضرراً كبيراً في بناء المسجد.
حضر المحاضرة مدير عام مؤسسة القدس الدولية الدكتور خلف المفتاح ورئيس اللجنة الشعبية العربية السورية لدعم الشعب الفلسطيني ومقاومة المشروع الصهيوني الدكتور مصطفى ميرو وأمين سر تحالف قوى المقاومة الفلسطينية خالد عبد المجيد وعدد من ممثلي الفصائل الفلسطينية والاحزاب السورية والفلسطينية وفعاليات ثقافية واجتماعية ودينية.
وكالات – الثورة
التاريخ: الخميس 22-8-2019
رقم العدد : 17053