الملحق الثقافي:د. ثائر زين الدين:
مشهد
كان ليلُ دمشقَ يُضاءُ بألعابهمْ
قلتُ: من أينَ تأتي مئاتُ الصواريخِ؟!
قالَ صديقي:
لقد أصبحَ النسرُ يا صاحبي
مُستباحا!
تُدفِّعهُ بالجناحِ الكليلِ بغاثُ الطيورِ،
فيُغضي على حُزنِهِ…
ها قد اختارَ وكراً لهُ في السفوحِ…
بكى ساعةً واستراحا.
هممتُ أُؤكِدُ ما قالهُ؛
غيرَ أنِّيَ أبصرتُ أهلَ دمشقَ
على شُرُفاتِ البناياتِ…
فوقَ السطوحِ!
كأنَّ صواريخَ “تلِّ أبيبٍ” دُمىً تتكسَّرُ
فوقَ الرؤوسِ المهيبةِ…
سالت دموعيَ:
لم يفتِ الوقتُ بعدُ…
سينتفضُ النسرُ عمّا قريبٍ،
فيطرَحُ عنهُ الخمولَ،
ويُلقي – كرملٍ يُغطِّي جناحيهِ –
هذي الجراحا.
دمشق2018
…
مشهد
تتشبَّثُ قبلَ الرحيلِ بحافلةْ الجُندِ:
أعلمُ أنّك لستَ تعودُ…
فيرفَعُها الأصحابُ إليهِ،
يُقبِّلُها، ويُهدِّئُها:
لابدَّ لنا أن ندفَعَ هذا الليلَ…
سنرجِعُ، لا تخشي شيئاً،
لن نتركَ هذا الموتَ الغادرَ يسرقُ منّا أحدا.
ويُقبِّلُها، يهمسُ: “سوفَ أعودُ،
وننجبُ بنتينِ بمثلِ جمالكِ،
قد تلدينَ لنا ولدا،
وأُسمِّيهِ على اسمِ أبي،
أو باسمِ أبيكِ فلا فرقَ…”
تُكفكفُ دمعتها الآنَ، وتَسقي التُربَةَ،
تُسندُ وردات الجوريِّ إلى الشاهدةِ البيضاءِ،
وتُطعِمُ طيراً لم يتأخَّر عن موعدها
منذُ ثلاثةِ أعوامٍ،
ينظُر في عينيها فَرحاً،
ويمُدُّ جناحاً – نحو يديها الراجفتينِ-
كما لو كان يدا.
دمشق 28/6/2019
التاريخ: الثلاثاء17-9-2019
رقم العدد : 965