الملحق الثقافي:سلام الفاضل :
كان صامتاً
كمدينةٍ حزينةٍ
رحل عنها قاطنوها
كبستانٍ
فرَّ من خضرته
استقالتْ من شجره الأغصانْ
وهاجرتْ من أرضِه
أسرابُ الطيورِ
نحو بلادِ الشمال
كان صامتاً
كثغرٍ ما عاد يؤمنُ بالابتسامْ
كفرحةٍ على شفا الاحتضارْ
تُخلق، لتموتَ،
ثم تموتَ، ثم تموتْ
ما عاد للكلامِ إلى لسانه سبيلا
ما عاد للحروفِ
في شفتيه مكان
صمتٌ يضجُ
غربةٌ تُحرق
وسوادٌ حالكٌ
لونتْ به أيامَه الأيامْ
دون كللٍ كانت،
كطفلةٍ مشاكسةٍ،
تحاول استدراجَه
إلى النطقِ
إلى الانفعالِ
إلى الثورانْ
إلى الانقلابِ على الذات
أو حتى إلى التأرجحِ
في دوامةِ الهذيانْ
ودون كلل كان،
كطفلٍ عنيدٍ،
يقابل جنونَها
بالبرودِ، بالسكونِ،
بالتفتتِ، والتمزقِ،
والتلاشي، والعصيانْ
كان صامتاً
كزهرةِ عبادِ شمس
حُكم عليها الولادةُ في الظل
حُكم عليها خلعُ أنوارِها
والصُفرةِ من ألوانها
وارتداءُ الظلام
كان صامتاً
كقلب تخلى عن نبضه
كنبضِ ابتعد عن الحياةْ
وكحياة بلا عشقٍ
بلا فرحٍ
تدور هائمة
بلا عنوانْ
كان رجلاً من صمتٍ
يرفضُ الحبَ
يرفضُ الولفَ
يطردُ الأنثى
يعيش بمنأى عن البشر
وحيداً بلا إنسان
التاريخ: الثلاثاء17-9-2019
رقم العدد : 965