الملحق الثقافي:
عن دار الرافدين في بيروت صدر كتاب «سلطة التفاؤل» للكاتب الفرنسي ألن لوي مك جنيس، من ترجمة بشار سامي يشوع وإيمان فاضل. يصنف الكتاب ضمن كتب علم النفس الاجتماعي، حيث يتناول معالجة حالات الاكتئاب وفقدان الأمل لدى الأفراد الذين تعرضوا لمشاكل اجتماعية. ما يميز الكتاب أنه يقدم شواهد لشخوص حقيقية تعرضوا لهذه الحالات وتم اجتيازها نحو نفس مليئة بالأمل والحياة.
يقول جنيس في مقدمته: «قد يمتلك هؤلاء المتفائلون ذكاء متوسطاً، إلا أن لديهم الخبرة في زرع روح العمل الجمعي والإيجابي في كنف عائلتهم ويتملصون من المواقف المأساوية بطريقة رائعة مبهرة».
يهدف كتاب «سلطة التفاؤل» إلى وصف العادات الفكرية ويقترح طرقاً لتطبيق البعض منها. وتكمن أهمية قراءة هكذا كتاب وميزته بما أورده الكاتب في الفصل الأول إذ قال إنه قبل الشروع بكتابته بدأ بقراءة دقيقة لجميع الدراسات التي وجدها حول الحالة النفسية للمتفائلين، وقرأ آلاف السير الذاتية، وحلل منهاج العديد من مشاهير المتفائلين، فاكتشف أنهم يتشاركون بعدد من الصفات المميزة، وليس بالضرورة أنهم ولدوا في ظروف ميسورة. على العكس من ذلك، الكثير منهم في عاشوا في بيئة أقل رعاية وشهد معظمهم انتكاسات مالية. ولكن مع مرور الزمن طوروا تقنيات وطرقاً لتجنب الغرق في الاكتئاب والمحافظة على قوة شغفهم.
لخص المؤلف 12 قاعدة أساسية للمتفائلين المثاليين. في الفصل الأول يناقش الكاتب طريقة تشرشل. ففي عام 1901 ألقى ونستون تشرشل خطاباً في البرلمان البريطاني وكان عمره 26 عاماً وكانت النتيجة أنه تعرض لانتقادات لاذعة، وكان حتماً البرلماني الأكثر كرهاً حيث لقبه أعداؤه بجرذ بلنهايم. بعد 39 عاماً، كانت بريطانيا على وشك السقوط أمام هتلر، فطلب الملك جورج السادس من تشرشل تشكيل حكومة. كانت الحياة قد تركت الأثر الكبير عليه كسياسي حيث رضخ للواقع من خلال إظهار الابتسامات العريضة المزيفة تمهيداً للمستقبل. قال تشرشل بعد تكليفه لمواطنيه: «ليس لدي ما أقدمه سوى الدم والعمل والدموع وعرق الجبين».
حسب المؤلف هناك ست قواعد استراتيجية يمكن من خلالها مواجهة المشاكل بشكل متحضر، من ضمنها استناده إلى كتاب القادة الذي وجد مؤلفه أن هناك صفة مثيرة تميّزهم عن سائر الناس، وهي أنهم لا يفكرون في الفشل ولا يستخدمون أبداً هذه المفردة، بل يلجأون إلى مرادفات لها مثل الخطأ- الخطأ الكبير. أما الفشل فلا وجود له في معاجمهم، ومنها أن المتفائلين يحققون نجاحاً ليس فقط لأنهم يعتبرون أنفسهم قادرين على إيجاد حلول لمشاكلهم، بل ويمتلكون ترسانة من الخيارات الممكنة.
يقول: «كثيراً ما نستمع خلال الاجتماعات واللقاءات التجارية إلى أحاديث ذات طابع تشجيعي لتحفيز ورفع معنويات الآخرين كقول «إنك مذهل بمعنى الكلمة، لديك عقل يفكر ويعمل كمحطة لتوليد الطاقة الكهربائية، وإن وضعت ثقتك بنفسك بما فيه الكفاية فسيكون بمقدورك تحقيق أي شيء تبتغيه».
يضيف الكاتب: «في عيادة الطب النفسي والعقلي التي أعمل فيها، نعتبر مرضانا قد تجاوزوا نصف مشاكلهم قبل اللقاء الأول بهم، والسبب أنهم يخضعون لعلاج نفسي منذ سنوات. من الواضح أنهم قرروا أخيراً السعي لإنهاء معاناتهم، فالخطوة الأولى تمثل أساساً نصف العلاج».
ثمة أيضاً أناس يرجعون سبب مشاكلهم إلى الظروف التي يعيشونها كقول البعض: «لا يمكن لأحد النجاح في ظل وجود مدير كمديري أو زوج كزوجي أو مشاكل مالية كتلك التي أعاني منها». وبمعنى آخر: «إنهم يتهمون العالم أجمع بالتحزب ضدهم وبعدم قدرتهم على تغيير ما هم عليه، إن هيمنت عليك فكرة أنك غير قادر، فمن البديهي أنك ستصبح كذلك».
يختتم المؤلف كتابه بقوله إن بإمكاننا أن نغيّر أي وضع كان، إذا ما غيرنا طريقتنا في الحياة.
التاريخ: الثلاثاء9-10-2019
رقم العدد : 968