لا يختلف اثنان على أن كرتنا تشهد منذ عدة سنوات تراجعاَ كبيرا ومتسارعا على مستوى الفئات العمرية، ولا يختلف اثنان على أن كرة القدم السورية ولادة بالمواهب وقادرة على إنجاب أجيال متلاحقة من اللاعبين الذين باستطاعتهم تمثيل منتخبات الناشئين والشباب ومن ثم الأولمبي والرجال خير تمثيل، ولذلك فمن المستغرب جدا أن تسجل منتخباتنا الفئوية الفشل تلو الآخر لأسباب يعرفها كثيرون.
إنجازات وغياب
هناك عدة إنجازات سبق لمنتخبات سورية للناشئين والشباب تسجيلها حيث فاز منتخبنا الشاب بكأس آسيا عام ١٩٩٤ ، كما نجح منتخبنا الناشئ ومعه منتخب الشباب بالتأهل إلى المونديال العالمي بالفئتين في أكثر من مناسبة، وبالتالي فمن المستهجن ما تعيشه كرتنا من فشل على مستوى الناشئين والشباب.
وقد كان آخر إنجازات كرتنا في الفئتين تمثل بتأهل منتخب الناشئين إلى مونديال (تشيلي٢٠١٥)، ومنذ ذلك الحين لم ينجح كلا من منتخبي الناشئين والشباب بالتأهل إلى النهائيات الآسيوية، فعجز منتخب الناشئين عن التواجد في النهائيات لثلاث دورات متتالية، كما فشل منتخب الشباب في التواجد ضمن المسابقة القارية لأربع نسخ متلاحقة، وعلى ذلك فإن كرتنا غابت بشكل كامل عن المنافسة القارية بفئتي الناشئين والشباب منذ نحو خمسة أعوام.
أسباب و وقائع
طبعا هناك أسباب متعددة ومختلفة أدّت لهذا الفشل والتراجع الحاد لمنتخبي الناشئين والشباب، أولها إلغاء مسابقة الدوري في الفئتين لعدة سنوات قبل إعادة إحياء دوري الشباب منذ نحو موسمين، يضاف لذلك عدم تعيين مدربين مختصين بالعمل مع الفئات العمرية والتوجه نحو تعيين بعض المقربين على رأس الإدارة الفنية لهذا المنتخب أو ذاك، وبالتالي تحويل هذه المنتخبات لحقل تجارب للمدربين الذين يتم تعيينهم، عدا عن إصدار بعض التوجيهات والقرارات الغريبة والتي لا يكون هدفها رياضي بالمقام الأول بل يكون لها غايات أخرى، وأكبر مثال عما نقوله هو التوجيه الشفهي الصادر عن المكتب التنفيذي للاتحاد الرياضي العام بعدم إعداد وتحضير أي منتخب إلا قبل استحقاقه بثلاثة أشهر فقط، حيث أن الهدف من التوجيه المذكور هو ضغط النفقات بغض النظر عن الآثار السلبية التي تسبب بها على الصعيد الفني، لناحية عدم كفاية مدة الأشهر الثلاث لتحضير أي منتخب أو حتى لانتقاء لاعبيه.
ولدينا مجموعة من الوقائع التي تثبت بالدليل القاطع دقة ما نذهب إليه، حيث لا يمكن لأحد أن ينكر توقف دوري الناشئين والشباب لعدة سنوات بقرار غير مفهوم الأسباب، كما أن تعيين مدربين غير مختصين تؤكده واقعة تعيين كلا من الكابتن بشار سرور ومن ثم الكابتن محمد عقيل كمدربين لمنتخب الناشئين، رغم أن كليهما لم يسبق له العمل مع الفئات العمرية و قد اقتصرت تجاربهما التدريبية على التواجد مع بعض فرق الرجال في الدوري، فضلاً عن تعيين أكثر من مدرب على رأس الجهاز الفني لمنتخب الشباب رغم سيرته التدريبية المتواضعة، وبالتأكيد فإن هذه التعيينات تترافق مع إبعاد للخبرات والمختصين وأصحاب الإنجازات، وهذا الأمر تؤكده حقيقة عدم تسمية بعض المدربين المشهود لهم بالكفاءة في العمل مع الفئات العمرية كما هو حال الكابتن محمد جمعة والكابتن كيفورك مرديكيان والكابتن أسامة يبرودي، وأسماء أخرى حققت نجاحات مع أنديتها ومع المنتخبات خلال تواجدها على رأس الإدارة الفنية لهذا النادي أو ذاك المنتخب.
هذه هي الحلول
وفقا لما سبق وبما أن الأسباب الكامنة خلف هذا التراجع في نتائج منتخباتنا الكروية الفئوية معروفة، فإن الحلول تبدو واضحة ومتوفرة أولها أن يتم تعيين مدربين مختصين بالعمل مع الفئات العمرية، مع اختيار الأسماء الأكفأ لأن هؤلاء المدربين يعملون على تأسيس اللاعب بشكل سليم، وهذا هو المطلوب باعتبار الأساس القوي سيؤدي لنشأة أجيال مميزة من اللاعبين، ليضاف هذا الإجراء المقترح لإجراءات أخرى لا بد من اتخاذها لإلزام الأندية بالعمل على تطوير قطاع الفئات العمرية فيها، بالإضافة لضرورة وجود خطة عمل لدى اتحاد الكرة القادم هدفها استقطاب المواهب وإعدادها بشكل سليم قبل انتقاء أفضلها لتمثيل منتخبات الناشئين والشباب.
كذلك فإن أحد الحلول التي يرى كثيرون بأنها ستكون ذا آثار إيجابية حال تطبيقها، يتمثل في متابعة عمل الأكاديميات الكروية الخاصة التي يشرف عليها بعض اللاعبين الدوليين السابقين، حيث يقوم هذا الحل على قيام اتحاد الكرة بإرسال كشافين إلى الأكاديميات لمتابعة واختيار أفضل المواهب التي تقوم هذه الأكاديميات بصقلها وإعدادها بشكل علمي.
أخيراَ فإن أحد الحلول التي يطالب بها أبناء الشارع الرياضي تتمثل بالعودة لتجارب الماضي لناحية تقرير الهبوط إلى الدرجة الأولى بناءَ على الترتيب العام لكل نادي، بحيث تُجمع نقاط فرق الشباب والناشئين مع نقاط فرق الرجال، وهذا الحل سيجبر جميع الأندية على الاهتمام كثيراً بالفئات العمرية إن كانت نتائج فرق الناشئين والشباب ستتحكم بمسألة الهبوط، وبالتأكيد فإن اعتماد هذا القرار سيعني حكما إطلاق دوري الناشئين من جديد ،وهو ما يتمناه عشاق كرتنا لأن في ذلك خلاص أكيد من حالة التراجع التي تعيشها كرتنا على مستوى الفئات العمرية.
يامن الجاجة
التاريخ: الاثنين 4-11-2019
الرقم: 17114