نهضت بأعباء كثيرة واخترعت طرقا عديدة لتطويق سبل العيش الطارئة التي داهمت الحياة وضغطت على مسالكها وأعصابها بأشكال مختلفة..سيدات من بلادي لم يستسلمن لليأس أو للحزن والهم والشكوى وقلة الحيلة ،بل عاندن شظف العيش وضيق الحال بتحدٍ أكبر ..كثيرات من نساء بلادي تكفلن بأدوار مزدوجة بغياب الأب لاسيما في السنوات الأخيرة التي فرضت على غالبية أبناء المجتمع من الرجال ان يكونوا على خطوط النار وفي الميادين يدافعون عن تراب الوطن لنبقى أحياء في زمن كرامة الأبطال..
مجدولين شعبان أتقنت مهنة زوجها في تربية خلايا النحل بعد أن التحق بصفوف القوات المسلحة..فكان عليها أن تلازم وجهين للعمل داخل الأسرة وخارجها ،فأخذت على عاتقها ما تبقى من وقت وقوة تشحن فيه الصبر والعمل بصبغة جديدة وصياغة مختلفة..فعالم تربية النحل يحتاج إلى خصوصية كل الفصول..تقول شعبان: ان المرأة السورية بشكل عام والريفية بشكل خاص تكيفت مع جميع الظروف التي غيرت الكثير من وجه الواقع الذي كان معتادا من قبل ، سواء لكلا الجنسين رجالا ونساء ،فانقلبت الأدوار وانخرطت المهام في تفاصيل مختلفة..
وبالنسبة لها أخذت تستمتع برعاية ومراقبة خلايا النحل في قريتها «القبارصية..ناحية الحفة «والتي تكثر فيها أشجار الحمضيات و في موسم انعقاد الزهر تؤخذ المناحل إلى الطبيعة الغنية بزهر الليمون، وحين موعد قطف شهد العسل يكون العسل بنكهة الليمون ولونه تقريبا.وبعد هذا الموسم يبدأ زهر الجوز واللوز وغيره من الأشجار والورود الفصلية فتنقل خلايا العسل إلى هذه الطبيعة للحصول على العسل الربيعي.وإذا ما أردنا الحصول على العسل الجبلي فيتم نقل النحل حسب رأيها إلى المناطق الجبلية «ناحية الصلنفة».
ولطالما لا توجد في أراضي القرية زراعة لحبة البركة فتسعى هذه السيدة إلى نقل المناحل إلى أراضي محافظة حماة للحصول على عسل حبة البركة وغيره حسب ازهار كل منطقة تواجدت فيها خلايا النحل.
السيدة شعبان التي كان لحضور منتجها الجاذب في مهرجان ريفية أكدت أن المشاركة في هكذا نشاطات يساعد على التنوع في تقبل كل حالات العمل التي تقوم بها المرأة بما فيها حرفة ومهنة العسل التي يعمل فيها بشكل عام الذكور من أبناء المجتمع.
تفاوت اللزوجة
وفيما يتعلق بنسبة لزوجة العسل بينت شعبان ان لزوجة العسل تختلف من منطقة الى أخرى ، ولطالما المنطقة الساحلية يطغى عليها جو الرطوبة العالي فيكون العسل سائلا «مرق» .ولكن الأهم أنه مهما كانت الأحوال المناخية من رطوبة و طقس مختلفة فإنها لا تؤثر على طعم العسل،فقط تؤثر على اللزوجة مابين سميك أو رائق..وعن أسعار العسل الذي تم عرضه بينت ان عسل الحمضيات بستة آلاف ليرة سورية والعسل الربيعي بسبعة آلاف ليرة والشوكيات بسبعة آلاف ونصف..والعسل الجبلي بثمانية آلاف وعسل حبة البركة بتسعة آلاف ليرة فيما عسل نبتة العجرم بعشرة آلاف ليرة سورية ..كما زينت شعبان منتجات العسل بإضافة الجوز واللوز والكاجو والبندق والفستق الحلبي في مرطبانات مختلفة الحجم رائعة الشكل.
السيدة شعبان التي أحبت العمل الذي كان ينهض به زوجها، هي اليوم تمثل المئات بل الآلاف من نساء ريفنا الجميل اللواتي عملن على ستر ماء الوجه وخضن تجربة تدبير الحال من المحال وهو الارادة والصبر والإبداع في كل شيء حتى في قهر ظروف الحياة.
فوائده
وهنا نشير إلى بعض فوائد أنواع العسل ، فعسل الحمضيات على سبيل المثال لا الحصر يفيد في علاج مرض فقر الدم «الأنيميا»، حيث إنّه يحسّن من إنتاج كريات الدم الحمراء، ويرفع من نسبة الهيموجلوبين في الدم.كما يحسّن من أداء الجهاز الهضميّ، ويساعد على تنشيط عمليّة الهضم في الأمعاء ويمنع الإمساك ويعالج الإسهال، إضافة إلى دوره في طرد الغازات، وعلاج الحموضة، ويمنع حدوث المغص المعويّ لدى الاطفال.
أيضا يطهّر الفم من البكتيريا، ويعالج التهابات اللثة،والحلق، واللوزتين، إذ يمكن تناوله كمضمضة وغسول للفم لتطهيره، إضافة إلى أنّه يوقف السعال ويطرد البلغم المتراكم في الجهاز التنفسيّ، ويعالج الربو الشعبيّ، وضيق التنفس؛ لاحتوائه على مضادّات حيويّة طبيعيّة.ويُساعد على علاج الأرق الليليّ، إذ يساعد على النوم العميق وغير المتقطع.
كما يُعزّز عمل الجهاز المناعيّ، ويزيد قدرته على مقاومة شتى الأمراض خاصّة نزلات البرد والإنفلونزا.ويُحسّن من نموّ العظام ويمنع هشاشتها، كما يساعد على تسريع نمو أسنان الطفل دون الشعور بأيّ أعراض مزعجة.و يُساعد على خفض ضغط الدم المرتفع.
كذلك يُنشّط عمل الكلى والمثانة ويعالج التهاباتها، كما يفتت الحصى والترسّبات فيها ويطردها من الجسم عبر البول.يُفيد في علاج مشكلة التبول اللاإراديّ لدى الأطفال والكبار.ويمنح الجسم الطاقة والحيوية، ويُعالج الهزال العام والإرهاق المزمن، كما ينقّي الدم من السموم.في حين يُنشط عمل الدماغ ويحسن القدرات العقلية فيقوي الذاكرة ويحسن مدى الاستيعاب ويمنع الإصابة بالزهايمر لدى كبار السن.ويُساهم في تقوية الأعصاب والعضلات، كما له فعاليّة في تهدئة الأعصاب، ومنح الجسم شعوراً بالاسترخاء.
يساعد عسل الشوكة على تحفيز عمل الجهاز المناعي في الجسم، ووقايته من الأمراض البكتيريّة والجراثيم والميكروبات بأنواعها.
عسل الشوكة
أما فوائد عسل الشوكة فهو مضاد للالتهابات؛ لذا فهو مفيد في علاج التهابات المفاصل الروماتيزميّة.ويساهم في علاج الجروح والحروق الجلديّة، ويسرّع في شفائها والتئامها ويخفي آثارها .كما ينشّط عمل الكبد، ويعالج مرض اليرقان الكبدي «الصفار»، كما يعالج التهاب الكبد الوبائي.
أيضا عسل الشوكة مفيد للجهاز التنفّسي؛ فهو يعالج السعال المزمن، ومشاكل الربو التحسّسي، والتهابات الحلق، وطارد للبلغم، ويشفي جميع الأمراض الصدريّة.و في علاج شتّى أنواع الأورام السرطانيّة في الجسم، ويحدّ من انتشارها، كما يفيد في علاج التهابات الجيوب الأنفيّة المزمنة وصعوبة التنفس، كما يحسّن من أداء الحبال الصوتية والصوت، ويرطّب الحنجرة ويقي من أمراضها.
عسل الشوكة فعّال جداً في علاج اضطرابات الجهاز الهضمي؛ فهو يفيد في علاج قرحة المعدة والقولون الهضمي والعصبي، ويحسّن أداء الجهاز الهضمي.ومناسب لمرضى السكّري؛ فهو يخفّض السكر في الدم، وينشّط عمل البنكرياس وإفراز الأنسولين في الدم .وينشّط الدورة الدمويّة، ويحسّن تدفق الدم إلى أعضاء الجسم والدماغ.
كذلك يفيد عسل الطلح «الشوكة» في علاج الأمراض الجلدية المزمنة؛ كالصدفيّة، والبهاق، والأكزيما، والتقرّحات، والبرص، ويمنح البشرة مظهراً شاباً.ويزوّد عسل الطلح الجسم بالطاقة اللازمة له، ويمنحه الحيويّة والنشاط، ويعالج الضعف العام والشعور المزمن بالتعب والإرهاق.يقوّي عضلات القلب، ويحمي من أمراض الشرايين.يحارب الأمراض النفسيّة العصبيّة، ويعالج القلق والكآبة، ويهدّئ الأعصاب، ويساعد على الاسترخاء.ويحسّن القدرات العقلية، وينشّط الذاكرة، ويعالج مشاكل الزهايمر والنسيان المتكرر.يقاوم عسل الشوكة مشاكل الأسنان والتهابات اللثة والتقرّحات الفموية.
أما فوائد عسل نبتة العجرم ، فهو منشط عام ومقوٍ،مقشع مضاد للربو والروماتيزم والتهاب المفاصل،مدر للبول وملين للمعدة، كما يفيد في حالات عسر الطمث ومطهر للمجاري التنفسية ومفيد في حالات التهاب الكلية الحاد والمثانة والمجاري البولية وعلاج في تسكين آلام البروستات وتضخمها وتسكين الآلام العصبية ومعالجة الأرق والاكتئاب.
غصون سليمان
التاريخ: الاثنين 4-11-2019
الرقم: 17114