لايختلف اثنان أن نصف المعركة, بل ربما غدا الأكثر من النصف, إنما هو حالة تهيؤ نفسي واستعداد, سواء بالنصر أو الهزيمة, وهذا يعني القدرة على إحداث اختراق ما نحو العقول والنفوس, ولن يأتي هذا في عصرنا إلا من خلال مجموع الوسائل التي غدت متكاملة, بل متلازمة المسارات والغايات والاهداف, فما من احد اليوم هو خارج دائرة الاستهداف الإعلامي سواء بشكله الإيجابي أم السلبي, وكل إعلام مناط به رسالة ما عليه أن ينهض بها, ومن الطبيعي أن نقول:إننا إعلام دولة ووطن وشعب, وإعلام بناء وتطوير, بالتالي نحن أصحاب رسالة نبيلة لايمكن إلا أن تكون من نبض الناس, ولهم ومنهم, ولأن الإعلام سلطة رقابية حقيقية, ولم يعد سلطة رابعة, بل أولى كما اشرنا إلى ذلك اكثر من مرة, فهذا يعني أنه صانع للحدث وموجه له, ما يترتب عليه اعباء ومسؤوليات جسام, لايمكن لأي احد أن ينهض بها, ولايمكن الهروب منها تحت حجج واهية.
وما شهدته سورية خلال السنوات الماضية من حرب عدوانية شرسة عليها, وظفت فيها امبراطوريات إعلامية ضخمة, كانت غايتها النيل منا والتضليل وقيادة الحرب, أكثر من 600 محطة متلفزة ناهيك بآلاف المواقع الالكترونية, وملايين الصفحات التي تسمى اجتماعية, وهي تقاد وتدار من أوكار المخابرات العالمية, مع هذا كله, كانت النتيجة أنها (هذه الحرب الاعلامية القذرة) خسرت وفضحت, مع انها اعادت الكرة مرات ومرات,وسخرت كل وسائل العالم والتقنيات من أجل الاختراق, لكن جدران الصد التي كانت في المجتمع السوري, أتت أكلها وأثبتت نجاعتها, لأنها ترتكز على بناء حقيقي, وعلى عشرة آلاف عام من الحضارة والفعل الانساني والتجربة الثرة في مختلف ألوان البذل والعطاء, وعلى هذا الميراث كان الإعلام السوري يستند, ويعرف أن البوصلة لم ولن تتغير, وكل ما في سورية من مقدرات وبناء, إنما هو من أجل النصر والفعل, وقد عبر عن ذلك السيد الرئيس بشار الأسد أكثر من مرة في لقاءات وحوارات, حين تحدث عن المعركة الإعلامية, وضرورة الانتصار فيها, لأننا أصحاب الحق, والرسالة النبيلة.. نعم, حقق الإعلام السوري انتصارات مهمة تتكافل وتتضافر مع انتصارات الميدان التي هي الدرب الراسخ نحو الغد, وطرد الإرهاب وتحرير كل شبر من أرضنا.
ومعركة الميدان ليست وحدها التي يجب أن يكون الإعلام حاضرا وفاعلا, فثمة معارك أخرى لاتقل شأناً عنها, معركة الرقابة والمتابعة والتنوير, وهي مهام جسام على الإعلام أن ينهض بها, فهو الصوت المؤتمن على ذلك كله, ومن دون تكامل الادوار والفعل الحقيقي, لايمكن النهوض والاستمرارية, ويرتب هذا على الإعلامي أن يطور أدواته وقدرته على اللحاق بكل التطورات التي تجعله يمتلك سلاح النصر في كل معركة يخوضها, معركة الرقابة والمتابعة, والتنوير, نعرف أن هذا يعني توفر الامكانات المالية والمادية الضخمة, وربما قد لاتكون موجودة بمثل هذه الظروف, لكنها ليست معدومة, أو لايمكن توفير الجزء الجيد والقادر على جعل الإعلام على سكة القوة والثبات, ومن خاض الحرب الشرسة هذه واستطاع أن يحقق النصر فيها إيمانا منه بدوره ورسالته, لهو قادر على اجتراح الكثير من دروب النجاح, لأنه صوت الناس ولهم, هو الإعلام الذي تثق به, ويدخل كل بيت, لأنه إعلام دولة ووطن وملك لهما, لايغرد مصفقا هنا وهناك إلا لمن ينجز على الأرض ويمضي قدما بمشروع البناء والتحرير, والوسام الذي منحه السيد الرئيس بشار الأسد لدور إعلامنا يحملنا الكثير من المسؤوليات, ويجعلنا دائما بموقع المتقدم في معركة الوجود والبذل والعطاء, وبالوقت نفسه, رسالة إلى أن متطلبات الإعلام يجب أن تكون موجودة, وهذا ليس مستحيلا.
دائرة الثقافة
التاريخ: الخميس 7 – 11-2019
رقم العدد : 17117