دعوا الموت لمن يستحقه

ثورة اون لاين: اليوم يعود القلب لينزف ألم فراق الأبناء في يوم كان انتظارهم فيه بالزهور التي تملأه فرحاً عبقاً، وعيون الأمهات ترقب الأبواب الموصدة لتنفرج عن وجوههم الطافحة غبطةً وهم يطلقون كلمة (ست الحبايب) قبل كل لفظ يتفوهون به وعيون الأمهات أغلى ما تتمناه هو أن تنطبق قبل مغادرة الحياة على وجوههم المفعمة بأمل استمرار الحياة في نبضهم وأيامهم ليكملوا ما لم تستطع الأم إنجازه في حياتها… أما أيامنا القاسية هذه فما أكثر العبث بأوراق الحياة فيها حتى أصبحت الأمهات هن اللاتي يودعن أبناءهن إلى آخر منازل الدنيا في ألم لا ينتهي إلا بانقطاع أنفاسهن. وبدل أن يدخلوا حملةً للورد على (ست الحبايب) في عيدها وهو يتوحد مع مباهج الربيع حيث تتجدد الحياة وتنفتح مسامها في تساوي الليل والنهار في كلمة تقول الأسطورة أنها الانبعاث الجديد لكل ما خلق الله في حكمة ربانية. يدخل عليها الجسد المسجى ملفوفاً بعلم الوطن الغالي أو بقيةٍ من جسد… أيّ انتظار هذا الحارق للأعصاب لكل أم أغلق الباب خلف ابنها وقد خرج لجامعته أو مدرسته أو حتى لشراء حاجة حتى لو كانت قلماً أو دفتر… أو زهرة ليقدمها لها في عيد الأم…
جاء الحاقدون والآثمون من أطراف الدنيا ليزرعوا الموت بيننا في عطش لا يرتوي فما لهم وما لنا ونحن في وطن المحبة والسلام. وفي النهاية تأتي صواريخهم المسمومة لتغزوا رئات ما زالت تتنسم أوكسجين الوطن، لم تتبدد بعد أحلامهم الطفولية… وإذ بهم يفتقدون أبناءهم إلى الأبد. هؤلاء الذين ينتظرهم الوطن القادم ليرسموه بريشتهم أجمل وأحلى… فقد الأبناء الآباء والأمهات وغيرهم كان الفقد عكسياً في فقد الأبناء… وكلها آلام تنضوي على الأيام بفعل الآثام التي يمارسون… فأرهقوا قلوب الأمهات المتعبة المثقلة، وهن اللاتي جعل الله الجنة تحت أقدامهن، وجعل الله كفالتهن والآباء في حاجة الأبناء أقصر طريق للثواب والجنة؛ وليس الموت الذي يرسمون.. وفضّله على كل أبواب العبادة والجهاد الحقيقي… أما هذا الذي يمارسون فهو عبثية وآثام وإرهاب. وليسوا وحدهم حملة إثمه وعقابه، بل كل من يمولهم ويرسم لهم ويسهل دخولهم لوطننا ليخربوه.. خرّبوا دور العلم ونالوا من المعلمين؛ هؤلاء الذين جاروا الرسل في الأجر والثواب. ولأن العيد اليوم ثلاثي التزامن فقد جعلوا الموت في الوطن ثلاثي الاستهداف أطفالاً وشباباً علماء وعقول نيرة ومبدعون؛ أمهات يموت منهن الكثير بغير مغادرة للحياة بل فقدهم الأحبة…
غرباء قتلة أقل ما يمكن أن يقال فيهم أنه مجرمون ينافون بأفعالهم البشرية إلى الهمجية والإنسانية إلى الوحشية في ضراوةٍ دمويةٍ غير مسبوقة..
كان عيد المعلم فرحاً وزينة تملأ الصفوف والمدارس وبيوت المدرسين…
وينتشر الورد بين الأحبة وفي كل البيوت في عيد الأم أما اليوم حتى الورد شح بين الأحبة فقد تقطعت السبل بين الأمهات ومثاوى الأبناء في آخر منازل الدنيا، وحرمت الأمهات من إهداء الورود لأحبتهم ليزرعنه على تربهم…
والعابث قادم من آخر الدنيا لا يعرف إلا لغة القتل والتدمير وسلب الأرواح دون وكالة ربانية… فهذه لها مَلَكُها الموكّل فيها… اتقوا الله إن كنتم من جنس البشر وتدعون أنكم حملة إسلامه الذي رفق بالأم والأب (فلا تقل لهما أفاً ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريما) ألم تمروا على هذه الآية في محكم تنزيله إن كنتم قارئيه… كفاكم تقديم الموت هدية للأمهات والأبناء في تبادلية خارقة لعقارب الزمن… لا يمكن الاقتناع بأن زارعي الموت الذي أصبح يخترق الليل والنهار لينال من الجميع دون استثناء… هم من أبناء الوطن الذين عليهم الاستفاقة لنبذ الأجسام الغريبة التي حقنت في جسده. وخير مثال عليها تلك التي حضرت وراء ابنها من تونس إلى أنقرة لتتشبث بتلابيبه وتعيده لحضنها فيضع رأسه على صدرها ليستمد منه الحنان الذي يبعد القسوة عن قلبه، في تركِ زوجة عروس إلى حورية زرعت دجلاً في ذهنيته…
الوطن أم فحافظوا عليها والأم رحم جاورتم فيه القلب والروح قبل العين، رفقاً بهذه الأرحام. والمعلم كاد أن يكون رسولا. فكفى الرسل منكم ما نالهم زمن الرسالات، ودعوا رسل هذا الزمان يبثون حب الوطن في نفوس أبنائه، وينجزون معهم أبناء وطالبي العلم أيامه القادمة الأحلى…
فما كان زرع الموت من الدين في شيء ولا عقوق الوالدين منه، ولا تخريب الجمال في طيات حكمته فالله جميل يحب الجمال. انبذوا الضالين القتلة وقفوا بوجه زارعي الموت واطردوهم من حياتكم والوطن ولتتشابك الأيدي لترسم الوطن الأحلى، فاليوم تنضج الحكمة في انبعاث جديد مع تفتح الربيع الحقيقي بزهره الذي يشتاق أن تتبادلوه. ولا يمكن لأي عاقل وحكيم أن يصدق أن السوريين يزرعون الموت فيما بينهم وإلا اختلفت موازيين الحياة…

شهناز صبحي فاكوش

آخر الأخبار
محاور لإصلاح التعليم الطبي السوري محافظ حلب يبحث مع وفد ألماني دعم مشاريع التعافي المبكر والتنمية ابن مدينة حلب مرشحاً عن حزب الخضر الألماني خاص لـ "الثورة": السوري تامر غزال يكتب التاريخ في بافاريا.. "أنا الحلبي وابنكم في المغترب" سوريا تفتح نوافذ التعاون العربي عبر "معرض النسيج الدولي 2026"  رفع العقوبات إنجاز دبلوماسي يعيد لسوريا مكانتها ودورها الإقليمي دعماً للإعمار.. نقابة المهندسين تؤجل زيادة تكاليف البناء من التهميش إلى التأثير.. الدبلوماسية السورية تنتصر  متبرع يقدم جهازي "حاقن آلي" وتنفس اصطناعي لمستشفى الصنمين بدرعا  حملة شاملة لترحيل القمامة من مكب "عين العصافير"  بحلب بين دعم واشنطن وامتناع بكين.. الرحلة الاستراتيجية لسوريا بعد القرار "2799" ما بعد القرار "2799".. كيف قلب "مجلس الأمن" صفحة علاقة العالم مع سوريا؟  خبير اقتصادي ينبه من تداعيات التّحول إلى "الريعية"  قرار مجلس الأمن وفتح أبواب "البيت الأبيض".. تحول استراتيجي في الدبلوماسية السورية  كيف حول الرئيس الشرع رؤية واشنطن من فرض العقوبات إلى المطالبة برفعها؟ ٥ آلاف ميغا واط كهرباء تعزز الإنتاج وتحفز النمو  المعرض الدولي لقطع غيار السيارات.. رسالة نحو المنافسة باستخدام أحدث التقنيات   "صحة وضحكة" .. مبادرة توعوية لتعزيز النظافة الشخصية عند الأطفال من رماد الصراع إلى أفق المناخ.. فلسفة العودة السورية للمحافل الدولية  إنجاز دبلوماسي جديد لسوريا في مجلس الأمن