حقيقة مرة لا بد من مواجهتها بكل حرص وشفافية.. الفساد الذي نتحدث عنه في مختلف المجالات يحتاج إلى توصيف.. وبعد التوصيف يحتاج إلى فرز.. لأنه لم يعد هناك أي لبس حول وجوده وانتشاره بين الناس على اختلاف أعمالهم ومواقعهم.
غير أن الفساد بحد ذاته يختلف من شخص إلى آخر.. رغم أن آلية مكافحته واحدة.. وهنا تكمن المشكلة في التصدي له!!.
الفساد الذي نعاني منه في أوساط صغار الموظفين ليس عادة يمكن الإقلاع عنها، بل هو إدمان سببه اختلال المعادلة بين الدخل
والأجر.. مقارنة بأسعار السلع والخدمات في أسواقنا.. وإذا أردنا معالجة هذه الظاهرة الخطيرة يجب أن نقاربها على أساس معالجة الإدمان.. رفع قدرته الشرائية من ثم محاسبته على الفساد.
فالموظف الذي يتقاضى راتباً شهرياً لا يكفي لشراء حاجاته الأساسية لأكثر من أسبوع عرضة للسقوط في مستنقع الفساد.. وللخروج منه يحتاج إلى رفع قدرته الشرائية.. وأعتقد أن معظم من يمارسون الفساد (الرشوة) إنما يفعلون ذلك ليتمكنوا من تأمين احتياجاتهم الأساسية.
الفساد في الأوساط الأخرى ليس عادة.. بل سبب مباشر في انتشار الفساد.. كونه يدمر الاقتصاد ويضعف قدرة الدولة على تحسين ظروف الحياة اليومية للمواطنين.
لابد من مكافحة الفساد الذي يطول المال العام بكل قوة.. وتسخير هذا المال لرفع القوة الشرائية للمواطن لتحصينه ومنعه من الفساد.
إنها دعوة لمعالجة الأسباب قبل معالجة النتائج وتحصين مجتمعنا والنهوض به.
نعمان برهوم
التاريخ: الاثنين 11-11-2019
الرقم: 17119