خمس جولات مضت من عمر الدوري السوري الممتاز لكرة القدم، وقد بدأت تتضح بعض الملامح الفنية والإدارية والتنظيمية المتعلقة بالمسابقة، حيث تؤكد الوقائع والمعطيات أن مسابقة الدوري (وإن كانت معظم فرقها قد قامت بحركة نشيطة خلال فترة انتقالات اللاعبين)، لا تزال تفتقر للمقومات التي تجعل منها مسابقة تأخذ طابعا احترافيا على المستوى الفني والإداري والإعلامي، وعلى ذلك فإن أحد أولويات العمل الذي يجب على مجلس إدارة اتحاد الكرة القادم القيام به، يتمثل في تطوير مسابقة الدوري فنياَ وإدارياَ ومالياَ وإعلامياَ.
في حيثية التطور الفني المنشود نستطيع القول أنّ دورينا لا يعدو كونه مسابقة تبحث فيها الفرق بالدرجة الأولى عن تحصيل النقاط دون الالتفات غالبا للمستوى الفني، ودون الاهتمام بالطريقة التي يتم من خلالها تحصيل النقاط حتى وإن كان ذلك عبر إضاعة الوقت أو التأثير على الحكام أو غيرها من الأساليب، التي باتت علامة مميزة في ملاعبنا، وعلى ذلك فإن أفضل ما يقال عن دورينا والطريقة التي يتم بها تجميع النقاط أنه دوري النقطة، وتكفي الإشارة لتسجيل ٦٧ هدفا فقط خلال ٣٣ مباراة شهدتها جولات المسابقة الخمسة، بنسبة الهدفين تقريباً في كل مباراة، لندرك مدى التحفظ و طبيعة النهج الدفاعي الذي تعتمده معظم الفرق، بحثا عن عدم الخسارة أولا، بينما لا تقوم فرق أخرى بعمل هجومي وتكتيكي منظم، باستثناء فريق حطين متصدر جدول ترتيب المسابقة برصيد ١٣ نقطة وصاحب أقوى خط هجوم بتسجيله ١١ هدف.
طبعا تواضع المستوى الفني يرافقه تواضع التنظيم والملاعب والتحكيم حيث يمكن القول إن الدوري لا يشهد انتظاما يكرّس صفة الدورية، بدليل تأجيل أكثر من مباراة بعد مرور خمس مراحل فقط من عمر المسابقة، كما هو حال ديربي حمص بين الوثبة والكرامة وكذلك مباراة فريقي الجزيرة والكرامة، علما أن التأجيل يتم لأسباب مختلفة منها ما يتعلق بعدم جاهزية الملاعب وهذا ينطبق بالدرجة الأولى على ملاعب مدينة حمص، ومنها ما يتعلق بالتأجيل لمراعاة ظروف خاصة بكل فريق كما حدث مع فريق الجزيرة.
كل ما سبق يرافقه تواضع أداء الحكام في أكثر من مباراة وارتكابهم لأخطاء مؤثرة، كما حصل في مباراة الفتوة مع الشرطة ومباراة تشرين مع الوحدة وكذلك الاتحاد مع الطليعة، وهذا باعتراف لجنة الحكام الرئيسية.
الى ذلك ووفقاَ لما سبق فمن المؤكد أن عملية إنعاش أهم مسابقاتنا الكروية المحلية والانتقال بها من الوضع الحالي، إلى حال أفضل في كل شيء، مسألة تقع على عاتق مجلس إدارة اتحاد اللعبة القادم الذي سيتم انتخابه يوم ٢٨ الشهر الجاري، وبما أن مسألة صيانة ملاعبنا الكروية وتحديثها والارتقاء بها ليست من اختصاص اتحاد الكرة بل هي من واجبات الاتحاد الرياضي العام، فلا بد أن يتفرّغ الاتحاد الجديد لدراسة وضع المسابقة والعمل على إصدار القرارات التي من شأنها التطوير، والخيارات المتاحة للتطوير عديدة وتندرج على جميع النواحي الفنية والإدارية والمالية والإعلامية،ففيما يخص الجانب الفني هناك ما يتعلق بالأجهزة الفنية كالتشديد على أن يكون جميع المدربين العاملين في أندية الدوري من الحاصلين على شهادات التدريب الآسيوية بأعلى مستوياتها، ومنها ما يتعلق برفع سوية اللاعبين، وفي هذا السياق من الممكن أن يتم فتح الباب أمام عودة المحترفين الأجانب للمسابقة مجددا ،ولاسيما أن المبالغ التي يتقاضها معظم لاعبي الدوري لا تقل عن تلك التي يتقاضها المحترفون الأجانب في بعض مسابقات الدوري الأخرى، علماَ أن عودة اللاعبين الأجانب ستضمن بالتأكيد أن يعمل اللاعب المحلي على تطوير نفسه أكثر.
وفيما يتعلق بالجانب الإداري لا بد من إقامة ورشات عمل متخصصة لإعداد مراقبين إداريين لمباريات الدوري وفقا لتعليمات الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، كما أن اتحاد اللعبة سيكون مطالبا بتطبيق الشروط الآسيوية على جميع الأندية، أي أن يلزم جميع الأندية بالعمل على توافر متطلبات الاتحاد الآسيوي لكرة القدم للموافقة على المشاركة في البطولات القارية، والمقصود في هذه الحيثية إلزام جميع أندية الدوري بتوفير المعايير الآسيوية، مع العمل بمساعدة الاتحاد الرياضي على توفير الدعم لكل ناد يجد بعض الصعوبات في تطبيق المعايير الآسيوية.
أما ما يتعلق بالجانب المالي فمن المفترض أن يعمل الاتحاد المنتظر على توقيع عقود رعاية للمسابقة مع بيع حقوق بث مباريات البطولة وفق طريقة المزايدة، بعد إعداد دفتر شروط يضمن تقديم خدمة إعلامية مميزة لمتابعي الدوري ،وتوفير مردود مالي جيد للأندية.
وقد غابت سابقاً مسألة تسويق مسابقة الدوري إعلامياَ، وهذا يخدم الهدف المتمثل بتوقيع عقد رعاية مناسب للمسابقة، وبيع حقوق البث مقابل مبلغ مالي ضخم.
يامن الجاجة
التاريخ: الجمعة 15-11-2019
الرقم: 17123