عملياتُ الرصد الأخيرة لنشاطات مُرتزقة النظامين التركي والأميركي في إدلب ومحيط مدينة حلب، سواء لجهة التحضير لاستفزاز كيماوي جديد يَستنهض مُخططات العدوان، أم لناحية تصعيد الاعتداءات التي تَستهدف المدنيين في أحياء حلب والمناطق المجاورة الأخرى، يبدو أنها ستُعجل بالاستحقاقات التي جرى تأجيلها عدة مرات إتاحة في المجال لتفعيل ما اتُفق عليه في سوتشي وأستنة من بعد تَسويف ومُماطلة ومُحاولات تَملص يُواصلها نظام اللص أردوغان.
تحضيرُ مسرح الاستفزاز الكيماوي الجديد، والاشتغالُ المُتواصل على الإعداد لاستثماره سياسياً وإعلامياً، إذا كان يَحمل من دلالات مُتعددة فإن أهمها: تلك التي تُشير إلى أن منظومة العدوان ما زالت تُقيم في مُربعات الوهم الأولى، لم تُغادرها، ولن تَفعل ما لم يتم طردها طرداً من كل المواقع التي تُتيح لها الاستغراق بالوهم والرّهان على مواصلة للعدوان من جانب، وتلك التي تَسمح لها باستمرار المُشاغلة والتعطيل للمُبادرات والحلول السياسية من الجانب الآخر!.
تصعيدُ اعتداءات مرتزقة واشنطن وأنقرة على خط مُواز لما تَقَدَّم – الاستفزاز الكيماوي – هي الوجه الآخر أو الشق الثاني مما يُرسم ويُخطط له مُجدداً، وهو بدوره إن دل على شيء فإنما يَدل على أن منظومة العدوان لا تكتفي بوهم الإقامة في مربعات الوهم الأولى بل تَستغرق بحالة الانفصال عن الواقع، ذلك أنها إذا كانت تتمسك بهذا النمط من التفكير القذر من بعد كل الحاصل، فإنها تُثبت بالدليل القاطع أن شيئاً لن يَجعلها تُقارب الواقع وتَعترف باستحقاقاته إلا صفعة قوية وزنها يُماثل وزن الدرس الطويل الذي تَلقته بحلب.
الاستفزازُ الكيماوي الجديد إذا ما أقدمت واشنطن ومُلحقاتها على السماح للمُرتزقة بتنفيذه وفَبركته من بعد الفضائح التي تَكشّفت في نيوزويك وديلي ميل وسواهما، فقد يكون أعظم من انتحار، ذلك أنه لن يَضع فقط منظمة حظر الأسلحة الكيماوية على مَذبح، بل سيُعجل بكل الاستحقاقات المُؤجلة، وسيَضع حداً نهائياً لواشنطن في المنطقة ويُخرجها منها على نحو مُخالف لكل التوقعات والتقديرات الأميركية التي كانت دائماً خاطئة وكارثية.
وإذا كانت الاعتداءات الأخيرة التي تستهدف المدنيين في حلب والمناطق المُجاورة، تَنطلق من فَرضية أنه التصعيد الذي سيُقدم الإسناد لتَبعات الاستفزاز الكيماوي المُخططة، والذي قد يَستدرج الخصم لمُواجهة جرى الإعداد لها بغاية الاستثمار المُزدوج استهدافاً، سواء لناحية الهجوم أم لجهة محاولة التعويض، فإنها الاعتداءات التي قد تكون الأخيرة التي لن تُسقط فقط التفاهمات السابقة الخاصة بمنطقة خفض التصعيد ومُندرجاتها، وإنما ستَجعلها بحكم اللاغية، بمُقابل فرض مُعادلة جديدة لن تكون مُختصة بإدلب وحدها، بل ستمتد بمَفاعيلها إلى أبعد من التنف.
كتب علي نصر الله
التاريخ: الأربعاء 18 – 12-2019
رقم العدد : 17149