أقرب للحل

 أزماتُ المنطقة، والعالم، كثيرة مُتعددة مهما تعددت الأشكال التي تتخذها وتبدو عليها، فهي تكاد تكون واحدة في الجذر، في الأسباب التي تُنتجها وبالممارسات التي تَجعلها تتفاقم وتتعمق، لو قُدِّر لعدة مراكز للدراسات، مَوضوعية نَزيهة وحيادية، أن تتناول بالبحث هذه الأسباب، فإنها لن تنتهي إلا إلى نتيجة واحدة مُتطابقة لا تُشير بل تؤكد أن أميركا أولاً، إسرائيل ثانياً، والنظام الرأسمالي المُتوحش دائماً، الجذر والسبب بنشوء تلك الأزمات، وبالتعقيدات التي تنطوي عليها.
الاحتلال والنهب، الإرهاب والقتل، النزاعات والصراعات، الفقر والتخلف، البيئة والتلوث، إلى آخره من أزمات مالية واقتصادية، فكرية سياسية اجتماعية وحضارية، مُجتمعة تعود بأصل نشوئها للسياسات الأميركية الغربية المُتصهينة القائمة على العربدة والتجاوز على القوانين، فضلاً عن انتهاك المواثيق ونسف منظومة القيم.
ما الذي تفعله الولايات المتحدة في أربع جهات الأرض غير ما تَقَدّم؟ إذ لا تُقيم وزناً لمبدأ أو قانون أو شُرعة دولية، لا تُحرك ساستها وإداراتها سوى أطماعها، لا غاية لها إلا الهيمنة والنهب والشطب والمُصادرة، سلاحها وأداتها التلفيق والفبركة والادعاءات الكاذبة، إشعالُ الفتن وتأجيج الصراعات وشن الحروب والاعتداءات طرائقها، حماية الصهيونية في قائمة أولوياتها ومحاولة تحقيق الأحلام التلمودية المَزعومة، والمصالح الامبريالية الحقيرة، هدفها الأول والأخير.
أزماتُ منطقتنا ومُشكلات العالم، هل تتصل إلا بهذا الاختزال السريع لأسبابها؟ هل كانت لتَنشأ أصلاً إلا لأن سياسات الهيمنة الأميركية مَنهج رسمي لا تَحيد عنه إدارة من بعد أخرى؟ وهل كانت لتَزداد تعقيداتها إلا لأن واشنطن المُتصهينة تَكيل بمعايير مزدوجة وتتعاطى مع القضايا المُتماثلة بمعايير مُتعددة؟ ودائماً بما يُوفر الحماية للصهاينة ومُجرمي الحرب في أميركا وإسرائيل والغرب المُلتحق بها ما بقي تابعاً ذليلاً لها؟.
هذه هي أميركا، هذه طبيعتها، هي أم الإرهاب وصانع المشكلات والأزمات في الغرب والشرق، في الشمال والجنوب، بالدوافع ذاتها ومن أجل الغايات الثابتة عَينها إذا كانت حماية الكيان الصهيوني الأولى، فإنّ الثانية تَحقيق المصالح والأطماع، ولا يُفسد بالحال التَّبادل بينهما لتتقدم إحداهما على الأخرى!.
والحالُ كذلك، فإن المنطقة ستكون أقرب إلى الحل لكل أزماتها ومشكلاتها – وكذلك العالم – بمقدار ما تَقترب من امتلاك إرادة ردع أميركا، بقطع يدها الآثمة ومَنعها عن التدخل بشؤونها، بكسر أذرعها وتحطيم أدواتها، وبكسر أرجلها وإخراجها من كل الساحات والميادين التي تَعبث بها.
الأُنموذج الحاضر الماثل الذي ينبغي أن يُحتذى بتسجيل الالتحاق به، هو ما قامت به سورية عبر تاريخها النضالي الطويل وخلال سنوات العدوان الأخيرة عليها، بتصديها البطولي لمُخططات الشر الأميركية وإسقاطها، وبدحرها أدوات العدوان الصهيوأميركي من الدواعش ومُشتقاتهم، وهو أيضاً ما عبَّر عنه الشعب العراقي الشقيق عبر برلمانه بإلغاء الاتفاقية الأمنية وطلب سحب جميع القوات الأميركية المحتلة، وهو ما أقره مؤخراً مجلس الشورى الإيراني باتجاه وجوب الرد القاسي على جريمة اغتيال القائدين المُقاومين قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس ورفاقهما، الذي يُجبر المُحتل الأميركي على الخروج ليس فقط من العراق وسورية والمنطقة فحسب، بل من منطقة غرب آسيا.
الهدفُ كبير، تَحقيقه ليس مُستحيلاً كما يَتهيأ للبعض، وسيَتعاظم الأمل بجعله واقعاً، ذلك أنّ الرد الإيراني الأول كسرَ هيبة أميركا، أوجعَها وحَشرها في زاوية ضيقة، سلسلةُ الردود القادمة ستُعمق مأزقها، ولأول مرّة ستجد نفسها بلا خيارات إلا تلك المُغلقة على خيار الخروج خضوعاً وتَجنباً لخسائر لا تَحتملها، وإذا تَحملتها فإنها لن تُغيِّر بالنتيجة .. أميركا تَندحر، مُشكلات المنطقة ستكون أقرب إلى الحل بالاندحار الأميركي عنها.

علي نصر الله
التاريخ: الخميس 9-1-2020
الرقم: 17164

آخر الأخبار
تراشق التصريحات بين واشنطن وموسكو هل يقود العالم إلى مواجهة نووية؟ من البراميل والطائرات إلى السطور والكلمات... المعركة مستمرة تعددت الأسباب وحوادث السير في ازدياد.. غياب الحلول يفاقم واقع الحال المحميات البحرية.. حاجة ماسة لإنقاذ الحياة البحرية السورية الشعب السوري يملك من الوعي والحب ما يكفي لإعادة البناء السلم الأهلي.. ضرورة اجتماعية وثقافية مرافقة بحث تفعيل عمل الرقابة والتفتيش بدرعا الطلب ينعش الأسواق بعد ضخ الرواتب.. استهلاك أكثر عرض أقل مواقع خلابة تنتظر من يستثمرها.. هل ينتعش النشاط السياحي بدرعا من جديد؟ باراك يدعو إلى الحوار ويفتخر بدور بلاده في الوساطة بسوريا.. "السلام ممكن والدبلوماسية سبيله" الوفد التقني السوري في ليبيا يمهّد لافتتاح السفارة ويباشر تقديم الخدمات للجالية هل تستطيع إسرائيل تحمل خسارة الدعم الغربي؟ اليونيسف: حياة أكثر من 640 ألف طفل في خطر جراء الكوليرا شمال درافور الاعتراف بالدولة الفلسطينية ليس بديلاً عن إنهاء الفظائع في غزة عون في ذكرى تفجير مرفأ بيروت: الحساب آت لامحالة إجازات الاستيراد أحد الخيارات.. كيف السبيل لطرد البضاعة الرديئة من الأسواق؟ حلب تكثف حملاتها لضبط المخالفات وتنظيم السير محلل اقتصادي لـ"الثورة": الحاجة لقانون يجرم التهرب الضريبي تجهيز بئر الخشابي لسد نقص مياه الشرب بدرعا البلد مشروع دمشق الكبرى مطلب قديم..م.ماهر شاكر: يبدأ من تنمية المدن والمناطق المهملة طرح ثلاثة مشاريع سياحية للاستثمار في درعا