في.. «بيت المحرمات» لفظــــــت قلبـــــــــــــــي..

 

«في الصباح الذي أفقتُ فيه لأبدأ هذا الكتاب سعلت.. ثمَّة شيءٍ يخرج مندفعاً من حلقي.. كان يخنقني.. قطعت الخيط الذي يبقيهِ معلَّقاً، ولفظته إلى الخارج. عدت إلى فراشي وقلت: لقد بصقتُ قلبي»..
هكذا يشعر الكاتب لحظة اندفاعِ الكلماتِ منه إلى عالمه، وهكذا شعرت الكاتبة الفرنسية «أناييس نن» وهي تدفع ما لديها من حكمة الحياة، إلى «بيت المحرمات».. هكذا شعرت وهي تنظرُ في وجه عالم متقلِّب العافية، كما إلى ذاتها التي كانت رؤيتها لها مجهولة التسمية.. تذكر ولادتها الأولى في الماء، وتنصتُ إلى الأصوات البعيدة-القريبة كالهواء، وبترنيمةٍ بربرية، تطلق أفكارها الفلسفية: «اخرجي عن دوركِ، واتركي نفسكِ لجوهرِ رغباتك الحقيقية، وللحظة غادري قيود انحرافاتك العدوانية.. أوجدي من جديد جوهركِ الذي هو أنا.. نصفكِ الذي فقدتِ.. ربة الأشياء المنكسرة..».
لاشكَّ أنها أفكارٌ، وإن أطلقتها كاتبة هي شاعرة منجذبة إلى عوالمِ الأحلام، إلا أن الواقع وما فيه من «جنون الأشياء التي تتدافع داخل النفس الواحدة» قادها إلى الشعور بأننا نحن البشر «لا نستطيع العيش ما لم يتّحد الجزء الواعي فينا مع الجزء اللاواعي، وهو ما نأمل اتحاده فينا للحصول على حياة رحبة الآفاق وكاملة»..
هي أيضاً أفكارٌ، ما اعتنقتها إلا سعياً لإيجاد الحقيقة. تلك التي بحثت عنها في حياتها وأفعالها كلّها، وسواء المظلمة والمسكوت عنها، أو المضيئة والمُعلنة التي أطلقتها: «كلُّ الحقائق، كلُّ الكلمات، كلُّ الصور، وكلُّ التنبُّؤات تحوم فوقي وتُضلِّل بعضها، وحين يصفعني ألم البشرية بضراوة، وعندما أصدأ من الغضب، أقوم دائماً بعد الصَّلبِ وأنا في رعبٍ من حالات صعودي إلى الشرخ في الحقيقة.. الاصطدام بالحقيقة، يُغشي بصري ويُغرقني في الحلم.. أحسُّ بالمسافة وكأنها جرح.. ثمَّة شرخ في رؤيتي، وسوف يظلُّ الجنون يتدفق من خلاله..».
باختصار.. «بيت المحرمات» هي نصوصٌ لروايةٍ كانت كاتبتها تشعر وكلّما بدأت بكتابةِ نصٍّ فيها، بأنها تنفصل عن أناها وتتحول إلى مفردات تنفذ إلى أعماق الحياة.. مفردات زجاجية، تتشكّل منها عوالمها التي لامكان فيها إلا للعوالم الحيّة.
إنها المفردات التي جعلتها «تخرجُ بسلامٍ من الأزمنة، ولكن بحدّة جرحتها». الأزمنة التي اضطرَّتها وعندما رأتها تتجول في كتابها، لمغادرته بنصوصها وكلماتها: «أنا دمية شدتها أصابع غير مدربة، مُزِّقت ونُزعت مني ذراعاي بقسوة. ذراعٌ ميتة، والأخرى تكتب بحماسٍ وسط الفراغ.. أريد أن أكون كاتبة تنبئ الناس بوجود اللحظات الفائقة، أريد البرهنة على وجود فضاء لا متناهٍ، ومعنى أبدي.. ذراعاي دائماً مشدودتين وفي توقٍ شديد للعناق، أردت أن أحضن وأن أعانق الضوء والرياح والشمس والليل وكل العالم.. أردت أن أهدهد وأن أحيط وأن أطوِّق.. عانقت الكثير حتى انكسرت ذراعاي وانفصلت عني»..
هذا ما قرأناه من «بيت المحرمات» لـ «أناييس نن».. الكاتبة والقاصة التي ولدت في فرنسا لأب موسيقي إسباني وأمٍّ دانماركية. أيضاً، التي ترسخت مكانتها الأدبية عند صدور مجلدات يومياتها التي عكست فيها – كما في كل أعمالها، تأثيرات الحركة السريالية والتحليل النفسي.
من أعمالها: «مضيعة الخلود» و»شتاء الحيلة» و»تحت جرس زجاجي» إضافة إلى سلسلة «مدن داخلية» التي تضمّ خمس روايات هي: «سلالم إلى النار» و»أطفال القطرس» و»القلب الرباعي الحجرات» و»جاسوس في بيت الحب» و»إغراء المينوتور»..

هفاف ميهوب
التاريخ: الجمعة 10-1-2020
الرقم: 17165

 

 

آخر الأخبار
وفد روسي تركي سوري في الجنوب.. خطوة نحو استقرار حدودي وسحب الذرائع من تل أبيب مدرسة أبي بكر الرازي بحلب تعود لتصنع المستقبل بلا ترخيص .. ضبط 3 صيدليات مخالفة بالقنيطرة المعارض.. جسر لجذب الاستثمارات الأجنبية ومنصة لترويج المنتج الوطني المضادات الحيوية ومخاطر الاستخدام العشوائي لها انطلاقة جديدة لمرفأ طرطوس.. موانئ دبي العالمية تبدأ التشغيل سوريا والتعافي السياسي.. كيف يرسم الرئيس الشرع ملامح السياسة السورية الجديدة؟ هل تسهم في تحسين الإنتاجية..؟ 75 مليون دولار "قروض حسنة" لدعم مزارعي القمح نقلة تاريخية في التعليم.. التربية الدينية تدخل مضمار المنافسة على المقاعد الجامعية الاقتصاد بين طموحات خارجية وتحديات داخلية كيف يعزز العلاج الوظيفي جودة الحياة؟ محادثات سورية - أردنية لتعزيز مبادئ الحوكمة المؤسسية في الشركات آلاء حجازي.. لون ملتزم بحدود زمان ومكان حملة الوفاء تنهض بالمدارس الريفية في إدلب درعا والقنيطرة تحت المجهر.. قراءة في خرائط النفوذ وهندسة الأمن السوري قيمتها بالمليارات .. المجتمع الأهلي يزود مستشفى جاسم بتجهيزات طبية من قصر العدل بحلب.. انطلاق أولى جلسات المحاكمة العلنية لأحداث الساحل بين نيّة التنظيم ومعاناة المراجعين.. ازدحام في مديرية النقل بحلب زيارة الشرع إلى "البيت الأبيض".. مأزق جديد للسياسة الإسرائيلية تجاه سوريا جهود يبذلها قسم كهرباء جبلة رغم الصعوبات