الملحق الثقافي:منال محمد يوسف:
السلامُ على وقتهم وهم شعاع الفجر وأبناء النّور الحقيقي. لغة تنسابُ وينسابُ رقراقُ الكلامُ المُصفّى وقصائد الوعد. هم حكاية نطق وما أعظم القول المنطوق لأجلهم!
ما أجمل السرّ المرهون بسرّهم! بسرّ وعدهم المجتبى. وعدهم وإن أتى وقال كلمته الأعلى. هم الشعاع الذي ينزفُ نوراً. هم الشهامة إذ كُتبَ لحنها شعراً. هم من يسابقون الفجر لنشر فلسفة الضياء ومن ينجسون خيوط النّور الأولى إن تعالى وعده، إن تسامى حرفها الوضّاء.
هم أناشيد السَّلام إن ظهر نورها الورديّ في بادئ الأمر، و تعالى مداد الصوت القويم، تعالى حكاية مشغولة بعشق الأرض. وما أجمل فلسفة عشقُ الأرض! ما أجمل رقراق النداء العذب الذي يلتحن قوله وبلاغة صوته! يلتحن في معزوفة البهاء الأولى والأخيرة. وفي عيني تشعُّ محبةً، تشعُّ بذاك الشيء الجميل والانبلاج الرغيد، “الإنبلاج وسرّه العنيد” وقمحه المُشتاق للحياة وأبجديات الزّمان والمكان وإن قُدّرَ لنا أن نلمحه..
وعندما تصرخُ الأرض بأناشيد التراب القدسيّ، تصرخ وكأنّها الفجرَ إذ صلّى، صلّى لمن يحرثون اللّيل والنهار ويزرعون الأنجم في الأفلاكِ، يزرعون لحن البهاء أغنية تبقى على مرّ الأزمان.. تبقى ويبقون أبناء الأرض السمراء، الأرض التي تُغازلُ الشَّمس بنورهم الأبقى، وشراع وفائهم الأنقى، وهم حكاية النّور إذ تلى آياته المُثلى. هم صوت الفجر ومعزوفة الضياء الأولى والأخيرة..
هم الرحيق القدسيّ الأنقى، وعطر الكرامة إن صلّى وردها الأجمل، وأصبحَ لحنُ القول صوتهم الأبقى، أصبح بهم الزَّمان وكأنّه ياقوت الكرامة الحقيقة، وحكاية ذاك الطفل الذي يقول: “هذه الأرض السمراء هي معشوقة والدي الشهيد وهي صوت عشقه الأكيد، هي شتائل الحبق التي كانت تُزرع في الليل والنهار، هي عظمة الأشياء كُلّها التي تمثّلت في هذه الأرض”.
وبات يمتثل الفجر وكأنّ وجهه كُرّمَ بنورِ أبناء الأرض، “كُرّمَ” بما يفعلون وهم الأعلون، هم حكاية الفتّقِ والرتق وما أعظمها! ما أعظم القناديل التي توقد من حيث هم، من حيث تبدو العلامات والعلائم وكأنّها تسبحُ في أفلاكهم.. تسبحُ حيث أنات وجعهم الباقي، حيث ماءهم الطهور. وهل يوجد أعذب منه؟ وهل يوجد أبهى من تلك القصائد التي تكتبُ من أجلهم، وتستوحي نورها من جباهم، من نثريات ألقٍ خُلقت لهم.. وكانوا نبعُ النبل الذي لا ينتهي.. كانوا مداد القوة في اللّيل والنهار. يزرعون أناشيد الحياة أينما وجدوا، ينثرون قمح العطاء الذي ينهمر في كلِّ آن وحين.
إنّهم أبناء الأرض وحكاية الأقمار التي تجري من فلكٍ إلى آخر. الحقيقة التي تنسابُ رقراقة كنهرٍ صافٍ هم يُشكلون جماله الأنقى، ويعزفونه معزوفة الضياء الوهّاجة، ويمضون إلى أفلاكٍ هم نجومها وأقمارها التي تغيب. هم قصائد من المجد لا تنام ولا يخف شعاع نورها الوهّاج، شعاع قناديلها المجدولة بقوة الإباء ولغته الشيماء، لغته أو “لغتهم أبناء الأرض” الأقرب إلى الشَّمس في نورها الأجمل.
التاريخ: الثلاثاء14-1-2020
رقم العدد : 982