ربما ليست المرة الأولى التي نتطرق فيها لتلك الظاهرة التي باتت موضة العصر، فما إن تخط أقلامهم ألف باء الكتابة حتى يسعوا إلى المنابر الثقافية ليعلنوا ثمرات إبداعهم في حفل طنان يجتمع فيه الأهل والأصدقاء والعديد من الوسائل الإعلامية لتقديم ماجادت به تلك القرائح وماسكبت على سطورها من شعر أو نثر لافرق..
ونحن هنا لانصادر حقا في الإشهار والإعلان وتنظيم حفلات التوقيع وسط ذاك الضجيج، ولكن لنقول أن الكلمة مسؤولية ويجب ألا نستسهلها، فكما السلاح ماض فالكلمة ربما تكون أكثر وقعا في النفس، فلماذا نتعجل في تقديم نتاجات ربما لاتشكل قيمة مضافة للقارىء، أو هي تجربة في طور النمو، فلماذا لانطبخها على نار هادئة لتليق بالجمهور القارىء وتليق باسم كاتبها في الآن نفسه.
اليوم ونحن نواجه أعتى وأخطر أنواع الغزو الثقافي، ماأحرانا أن نكون على قدر عال من الوعي والتبصر والعمق فيما نقدمه وخصوصا للشباب والناشئة، وهنا بالطبع لانقلل من شأن مايقدم، ولكن في بعض المنشورات لانجد ضالتنا من الفكرة والمضمون والرسالة الفنية عالية الجودة، وهذا بدوره ربما يفقد الثقة بين المتلقي والمبدع، وبدل أن تكون هذه الطقوس الثقافية جسر تواصل، نراها تحفر هوة بينهما لاتكاد تردم.
ولابد أن نقر ونعترف أن من حق أي مبدع أن يسوق لنتاجه، ومن حق الجمهور التعرف على ذاك المبدع وأفكاره ومضمونه الثقافي وبيئته التي استقى منها في منتجه، ولكن من حق هذا المتلقي أيضا أن يحصل على إبداع يليق بفكره ويحترم عقله ويضيف إلى مكتبته مرجعا جديدا من الإبداع يشكل زاده الفكري والعقلي والحياتي.
ومهما يكن دافع المؤلف في حفلات التوقيع، نتمنى أن يكون هذا الطقس الثقافي يحمل في مضمونه قيمة علمية وفكرية تسهم في رفد المكتبة بإبداعات جادة بعيدا عن البهرجة والتسويق المجاني.
وفي الجعبة لابد أن يكون الوطن وحماية إرثه والدفاع عن مقدراته ولحمة أبنائه وتماسكهم البوصلة التي نتوجه بسمتها إلى بناء وطن العزة والكرامة والشرف الرفيع.
فاتن دعبول
التاريخ: الثلاثاء 4-2-2020
الرقم: 17184