لطالما كان فصل الشتاء هو الأكثر قرباً وحباً إلى كثير من الناس، ليس فقط لأجل هدوئه وسكونه وطقوسه الجميلة، إنما لأنه الفصل الذي يتيح لهم التمتع بالمسير في الهواء الطلق وملء صدورهم بذراته النقية المفعمة بالأوكسجين.
لكن هذا الاعتقاد يبدو أنه ذهب أدراج الرياح لدى سكان دمشق ومجرد التقاط الأنفاس في شوارعها ربما بات يحتاج إلى قناع للوجه أو (كمامة) لترشح الهواء من جزئيات التلوث العالقة به وإبعاد ضررها عن رئتي المواطنين سواء من العابرين لشوارعها أم من سائقي السيارات الخاصة أو من مستخدمي وسائط النقل الأخرى، والناتجة بشكل مباشر عن الباصات القديمة وعوادم السيارات التي تنفث دخانها الأسود في وجوههم وتحرمهم استنشاق شيء من الهواء النقي.
للمفارقة فقد تحدثت وزارة النقل عن استيراد أعداد كبيرة من السيارات من البلدان التي لا تراعي الشروط البيئية في صناعتها (لعدم إدراج هذه المواصفة في إجازة الاستيراد) رغم إقرارها عبر دراسة أجرتها بأن وسائل النقل نظراً لقدمها هي مصدر رئيسي للتلوث، ولأن أسطول النقل الجماعي الخاص والعام الذي يعمل على المازوت خال من المعايير الفنية والسلامة، ولا تراعى فيه الاعتبارات البيئية ولو بنسبة ضئيلة…الخ.
أما فيما يتعلق بوزارة الإدارة المحلية والبيئة باعتبارها الجهة المعنية بالحفاظ على البيئة من التلوث فلا يزال ما تحدثت عنه قبل أعوام من خطط لتخفيض مستوى التلوث في الهواء وتحسين نوعيته باعتماد جملة من المشاريع محددة ببرنامج زمني؛ مجرد خطط لم تدخل حيز التنفيذ رغم الزيادة في معدلات تلوث الهواء في مدينة دمشق.
ويبقى السؤال إلى كافة الجهات المعنية بالأمر إلى متى يتم التهاون في تنفيذ المهام المنوطة بها في مجال الحفاظ على مكونات البيئة وسلامة الإنسان، وتدوير الخطط الموضوعة من عام إلى آخر وحل بعض المشكلات في القطاعات الأخرى حلى حساب مسألة سلامة البيئة وصحة الإنسان التي تعد الأعلى تكلفة والأكثر ضرراً والتي لا يمكن أن يعوضها شي حال فقدها؟!.
هنادة سمير
التاريخ: الأربعاء 12-2-2020
الرقم: 17191