استهلت وزارة الثقافة سلسلة ندواتها الشهرية (قامات في الفكر والأدب والإبداع) لهذا العام باختيار المفكر الكبير ورجل الدولة ساطع الحصري «بين النظرية ورجل الدولة» في قاعة المحاضرات بمكتبة الأسد الوطنية.
وشارك في الندوة السادة د.علي دياب, د.فارس نداف, د.علي إسبر, وأدارها د. اسماعيل مروة.
وقد تناول السادة المشاركون شخصية المفكر الحصري وتاريخه وٱثاره ونتاجه الفكري الحافل الذي تركه.
اعتبر د. علي دياب أن الحصري لم يكن شخصية عادية بل كان رجلاً استثنائياً بكل ماتعنيه الكلمة من أبعاد.
وأشار دياب أن الحصري اعتبر اللغة العامل الأساس في تكوين الأمة. وأن الحصري في نشاطه ومحاضراته وكتبه كان أحد كبار ملهمي الفكر القومي العربي, وهو الذي تصدى لكل النزعات الأخرى التي سادت ٱنذاك.
وقارب الباحث بين شخصية الحصري والمتنبي الذي طاف بدوره البلدان والأمصار العربية فكانت كل البلاد العربية وطنه, وأكد أن البعث العربي استمد ونهل من الفكر القومي للحصري كما نهل كل القوميين العرب من هذا الرجل القومي الكبير.
ورأى د.علي محمد إسبر أن الحصري أول مفكر نظر لوحدة العرب تنظيراً وجودياً عميقاً, فهو الذي تجاوز الدين مع احترامه له, وتجاوز التاريخ المشترك مع تأكيده لأهميته, لكنه وجد وحدة العرب في لغتهم.
وأكد الباحث إسبر أن الحصري عاد إلى جوهر التكوين الإنساني ليقول أن العروبة بصفتها لغة فهي المكون الأساس للعرب. وانطلاقا من هذه الفكرة يعد الحصري رائدا من رواد النهضة العربية, وقد يكون الرائد المنسي الذي لم تعن به الأجيال العربية كما يجب.
ونوه بشخصية الحصري المركبة التي جمعت بين الفطرية والعلمية بالمعنى السياسي والتربوي من خلال عمله وتجربته الواسعة في حقول الفكر والتربية والسياسة, وقد ألهم المفكرين العرب من بعده رؤيته وتنظيراته الاستشرافية التي تعد من أخصب الرؤى وأغناها.
واستطرد د.فارس نداف في تقسيم المراحل التي مر بها الحصري, فرأى أنه مر بثلاث مراحل خلال حياته الملأى بالعطاء والغنية بالفكر.
ففي المرحلة الأولى وهي ماأسماها مرحلة الشباب, وهي متابعته التحصيل العلمي…
وفي المرحلة الثانية, انتقل من تركيا إلى البلاد العربية ولازم الملك فيصل الأول وأسهم معه في بناء أول دولة عربية في سورية وشغل وزيرا للمعارف في العام ١٩٢٠ م, قبل أن تسقط الدولة في العام نفسه, فكان شاهدا على مافعله الاستعمار الغربي حافظا لوقائع ماحدث, لتبقى الذكرى الأليمة تلازم الحصري طوال عمره, وقد وثقها في كتابه (يوم ميسلون).
وأكد الباحث نداف أن الأمة لم تكن عند الحصري اقتصاديات أو عقائد أو بقعة جغرافية, بل هي لغتها وتاريخها, وأسس فكرة تكوين الأمة على هذا المفهوم: وحدة اللغة, وصلة التاريخ.
مدير الندوة د. اسماعيل مروة, رأى أن الحصري شخصية مركبة فذة يصعب الإحاطة بها في عجالة الندوة.
وأضاف أن الحصري صاحب ذهن علمي استقرائي تجريبي وهو موثق بارع لما مر به كشخص وأمة.
وقال: عرف الحصري العلوم والرياضيات والإحصاء وعلم النفس والتربية وفن الإدارة ودرس القومية والتاريخ القديم والمعاصر, وهو الذي يعد بحق من أكبر المفكرين القوميين.
عبد المعين محمد زيتون
التاريخ: الخميس 13-2-2020
الرقم: 17192