رأي…«نشيد النور».. رسالة شاعر إلى الإنسانية..

«حياتنا شعلة في قلبِ عصرنا/ يجب علينا أن نثب إلى أعلى السماء/ كالأسهم النارية/ ثمَّ نُقذف ضياءً وضَّاء/.. يجب علينا أن نشعّ في اللحظة المناسبة/ حتى بعد الموت، حين تتفسَّخ جثثنا/ يجب علينا أن نغدو شهاباً ينير الصحراء»..
كلماتٌ، ما قالها الكاتب والشاعر الصيني «آي كينغ» إلا بعد أن شهد معاناة المظلومين في شتى أنحاء العالم.. أيضاً، بعد أن سعى لنصرتهم بأفكاره وأناشيده التي تجاوزت الفضاءات، وبثّت الجرأة والشجاعة في قلوب العالم قاطبة، ودون أن يلاقي من سعيه هذا إلا هجوم النقاد ممن دفعوه للانكفاء على صمته، مثلما قصائده التي وصموها بالكئيبة والتشاؤمية..
سنواتٌ وهو يعيش منعزلاً إلا عن خصوصيته، ومع ذاته وصمته وآلام قصيدته.. القصائد التي لم يكن ليتوقف خلال هذه السنوات عن كتابتها والتأمل، في كيفية جعلها تسري إلى الفضاء الذي كانت قدُ مُنعت فيه من النشر والتداول،لم يتوقفِ آملاً أن يأتي اليوم التي تدوّي فيه صرختها، مطالبة بردِّ المعاناة عن جميع المنكوبين وليس في الصين وحسب، وإنما في كلِّ أنحاء العالم الذي أراده يسمع رسالتها.
إنها رسالة شاعرٍ ما أكثر ما كان يحدّق في الأفق الممتد حوله، رافضاً الويلات التي كانت تحيط به وسببها الغزاة اليابانيون الذين كانوا يعيثون خراباً ودماراً في وطنه, الرسالة التي وجدَ بأنه معنيٌّ بإيصالها، ولاسيما إلى شعبه الذي لم يتوقع بأن يكون اليوم الذي انتظره طويلاً، سريعاً في جعله يقرأ في مضمونها: «يجب على الشاعر أن يُجهر بالحقيقة لمصلحة الشعب، وأن يعكف مع هذا الشعب على حلّ المسائل المعقدة في عصره، ومن أجل أن يعطي عنها وبلا مواربة، جوابه الخاص، أي نشيده, «نشيد النور» الذي يجب أن يخرج من قلبه، ويعبر عن أفكاره. قلب الشعب أيضاً وأفكاره، بل حقيقته».
نعم، سرعان ما قرأ الشعب مضمون رسالته، وسرعان ما تحققت أمنياته التي استمرت طوال سنواتِ صمته.. سقطت الأصوات التي سعت لخنقِ الأصوات الشعرية-الفنية، وسقط عنه بعدها ماكان قد وجِّه إليه من اتهام، فكان أن رُدَّ له الاعتبار الذي لم يكن ليقبله إلا بصورته الرسمية.
من هنا، بدأت قصائده تأخذ دورها في تشجيع الشعب على بناء مجتمع أفضل وأكثر رقياً ووعياً.. مجتمع حشدت «الصين» كل قواها لتحديثه وتجديده، وإلى أن باتت أقوال هذا الشاعر تتوالى أناشيد:
«حمراءٌ هي النار التي أجَّجها الأعداء/ أحمرٌ هو الدَّمُ/ حمراءٌ هي زهرة الزنبقة البرية/ حمراءٌ هي الشمس الطالعة/ أحمرٌ هو علمنا الذي يصفِّق في الهواء»..
هكذا يمضي «كينغ» من إخلاصه لوطنه إلى الفضاءات التي آلمه مارآه فيها ويمعنُ في انتهاكها.. من نزيفِ الحياة التي عاشها، إلى العوالم التي تجول فيها وقرأ لأهم شعرائها..
هكذا يمضي وبوعي وأمانه مشاعره مثلما أشعاره.. الأشعار التي وكأنما تقصّد أن يجعلها أشبه بالنَّار.. توقد الكلمات بالانفعالات، وتحثّ الشعوب على مواجهة الأعداء الغزاة..
تعود إلى وطنها وتستكين، وتشعر بأن عليها أن تكون «خلقاً خاصاً بالشاعر الذي يضع نفسه بكاملها فيها، من أجل أن يتأثر بها، كي تؤثر بالآخرين».
تشعر أيضاً، بأن عليها أن تكون كـ «الشمس»… تهبُ الحاضر الضوء والحياة، بعد أن تتدحرج من مغاورِ الأمس:
/من مغاور الماضي السحيق/ من عصور الظلام/ من جدول موت الإنسانية/.. تتدحرج الشمس نحوي/ بأشعةٍ لا تقاوم/ تمنح الحياة نفساً/ تجعل أغصان الأشجار تهفو إليه/ والأنهار تندفع إلى الأمام بالغناء والحياة والحيوية/..
هفاف ميهوب

التاريخ: الخميس 20 – 2 – 2020
رقم العدد : 17197

 

آخر الأخبار
ذكرى الكيماوي في الغوطتين.. جرح مفتوح وذاكرة عصيّة على النسيان قلب شجاع من تل أبيض ينال التكريم.. أبو عبدالله يثبت أن الإنسانية أقوى من المستحيل   مدير منطقة حارم يزور كلية الشرطة ويقدر جهودها في تخريج دفعة مكافحة المخدرات   بين الدخان واللهيب..  السوريون يكتبون ملحمة التضامن 6000 هكتار مساحة حرائق ريف حماة     طفولة بلا تعليم.. واقع الأطفال النازحين في سوريا   حلب تبحث عن موقعها في خارطة الصناعات الدوائية  الرئيس الشرع يصدر المرسوم 143 الخاص بالمصادقة على النظام الانتخابي المؤقت لمجلس الشعب مدير المخابز لـ"الثورة": نظام إشراف جديد ينهي عقوداً من الفساد والهدر زيادة غير مسبوقة لرواتب القضاة ومعاونيهم في سوريا  الشيباني يبحث مع نظيره اليوناني في أثينا العلاقات الثنائية وقضايا مشتركة عاملة إغاثة تروي جهودها الإنسانية في سوريا ريف دمشق تستعيد مدارسها.. وتتهيأ للعودة إلى الحياة حماية التنوع الحيوي وتحسين سبل العيش للمجتمعات المحلية في البادية تحسين واقع الثروة الحيوانية في القنيطرة استئناف الصفقات الضخمة يفتح آفاقاً أوسع للمستثمرين في سوريا    اتوتستراد درعا- دمشق.. مصائد الموت تحصد الأرواح  تفريغ باخرة محملة بـ 2113 سيارة في مرفأ طرطوس وصول باخرة محملة بـ 7700 طن من القمح إلى مرفأ طرطوس تحميل باخرة جديدة بمادة الفوسفات في مرفأ طرطوس اليوم شوارع حلب بين خطة التطوير ومعاناة الأهالي اليومية