مراكز دعم وتنمية المرأة….. مــــن الرعايــــة الاجتماعيـــة إلى الحقـــوق

حالات مؤلمة نفسياً واجتماعياً وعاطفياً و مادياً ،قصص مختلفة لنساء تحمل بين سطورها نقداً للقيود التي نكبل بها أنفسنا باسم العادات والتقاليد ،وتحكي قصة نجاح تترك في ذاكرتنا نافذة أمل وتفاؤل ،وكثير من مشاعر الفخر لبطلات هذه القصص ،وكيف نهضت من كبوتها وأثبتت وجودها ووقفت على قدميها بمساعدة ومتابعة مركز دعم وتنمية المرأة (المساحات الآمنة ) بإشراف جمعية تنظيم الأسرة السورية ودعم من صندوق الأمم المتحدة للسكان بغية النهوض بالمرأة وتمكينها وهي إحدى الأولويات التي ينبغي الأخذ بها لتحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية وثقافية واقتصادية ،نهوض من معنى الرعاية الاجتماعية إلى معنى الحقوق .

حماية وتمكين
للتعرف على هذه المراكز والخدمات التي تقدمها زرنا مركز دعم وتنمية المرأة بالميدان للوقوف على خصوصية هذه المساحات الآمنة لاسيما في هذه الظروف ، حيث أشارت الدكتورة سوسن العجوز ،الاختصاصية بأصول التربية «جامعة دمشق» إلى أن ّالمساحات الآمنة تهدف إلى حماية المرأة وتمكينها وتقديم مجموعة من الخدمات الحياتية المفيدة مثل الدورات المهنية من «حلاقة وتجميل وصوف ومحو أمية ولغات «عربي وإنكليزي» ،وصناعة منظفات وتريكو «وذلك بدعم من صندوق الأمم المتحدة للسكان ،إضافة إلى تقديم الدعم النفسي والاجتماعي.
وبينت العجوز أن المركز يستقبل كل الحالات التي تطلب المساعدة للخروج من أزمة نفسية أو اجتماعية أو اقتصادية والأولوية لحالات العنف والتي يتم رصدها من خلال استمارة تتم تعبئتها من قبل صاحب الحالة ، ومن خلال بناء علاقة ثقة مع صاحبة الحالة حيث تقدر إدارة الحالة هذه المعطيات وتدون بملف يضع خطة للتعامل مع هذه الحالة بحيث تدرس المشكلة وخلفيتها ويجري البحث عن مصادر الدعم للحالة (أولاد ،أقارب ،جيران ،أصدقاء )وخلال العام الماضي كان هناك حوالي (200) حالة عنف أغلبها نجحت في الخروج من عنق الزجاجة .

ويتم التعريف بالمركز من خلال فرق جوالة تزور الأحياء وتعرض خدماتها وهناك أنشطة توعوية وثقافية .
وتؤكد العجوز على أهمية دورات المشورة ما قبل الزواج وضرورة تعديل بعض قوانين الأحوال الشخصية كالمادة (548)التي مازالت سارية المفعول ولابد من لفت الانتباه إلى أن العنف سلسلة متصلة فالزوج الذي يعنف زوجته بدوره يتعرض للعنف وتصدّر أيضاً الزوجة العنف لأولادها وبالتالي البحث في أزمة السكن ،والبطالة المقنعة ،أزمة الأجور وغلاء الأسعار وهذا جزء لا يتجزأ من البحث في مشكلة العنف (أسبابها وعلاجها ).
من جهتها أزهار الرفاعي ،داعم نفسي واجتماعي في المركز ،ركزت على أهمية غرس الوعي الأسري الذي يقي من مشكلات كثيرة أسرية ومجتمعية وهذا ما يعمل عليه المركز من خلال أنشطة دعم نفسي واجتماعي وبرامج التواصل مع الآخرين ،وتقدير الذات وتعلم مهارة الإنصات والحوار ومهارات عديدة تمكن المرأة من نفسها للتغلب على العقبات والمشاكل التي تحول بينها وبين تحقيق طموحها ،بشكل يحقق الرضا الذاتي والقبول الاجتماعي ويخفض من توترها وقلقها.
وهنا تؤكد شذى سالم على أهمية وجود دافع لدى أي حالة في المركز للنهوض الاقتصادي والاجتماعي والمادي،والاستعداد النفسي للبدء من جديد في خطوات واثقة ،وهي المسؤولة عن خيار ما يقترحه الكادر في المركز .
بعد معاناة طويلة من القهر والذل والتجويع والاستسلام للأمر الواقع واليأس والعجز عن فعل أي شيء بعد أن رأت أطفالها الأربعة أمامها يتعذبون ويضربون من الأب لم يعد لها القدرة على التحمل ،وقررت مواجهة الواقع وعدم الاستسلام ،هذه هي حالة امرأة كغيرها من النساء اللواتي لجأن إلى المساحة الآمنة بعد أن عرفت المساحة من قبل إحدى المعلمات المستفيدات من خدمات المركز في الميدان ،جاءت الحالة إلينا مع أربعة أطفال لا تعرف إلى أين تذهب بأطفالها ،تم تقديم الإسعاف النفسي الأولي للحالة وأطفالها ومن ثم التواصل مع دير راهبات المحبة وتأمين ملجأ حماية لها ولأطفالها ،بقيت في الدير شهرين وتم التواصل مع منظمة الاونروا وتوكيل محامٍ لها وتم التواصل مع المسؤولة عن حقوق المرأة في المنظمة لأن زوجها فلسطيني الجنسية وعادت أخيرا إلى زوجها ولكن بشروط جديدة وافق عليها الزوج ،وتواصلت معنا الحالة من جديد لمساعدة زوجها مادياً وسجلت في دورة حلاقة وتجميل وأتقنت هذه المهنة وهي الآن تعمل وتشعر بالسعادة وتتواصل مع المركز من وقت لآخر .
حياتي لها معنى
كم يبدو الأمر صعباً حينما تحيط الأرقام والكلمات من كل جانب ولا نستطيع أن نفك الحرف فيها والأصعب أن تكون المدارس والمؤسسات التعليمية منتشرة لكن أسرتنا تمنع وصولنا إليها.
هكذا بدت الأمور بالنسبة إلى السيدة مريم على مدى أربعين عاماً ،إلى أن زارت مركز المساحات الآمنة وقصة هذه الحالة لم تكن قصة سيدة حرمت من التعليم فقط بل وتعرضت للعنف القائم على النوع الاجتماعي حيث تزوجت مبكراً بناء على قرار والدها وهي لم تكن تعي أنها ستدخل حياة جديدة مليئة بالمشاكل لأن زوجها الغني مدمن كحول ولم يكن معروفاً لولديها إلا بعد أن تزوجت وهنا بدأت معاناتها تتفاقم وتتلقى الضربة والإهانة من جديد ،تقول صاحبة الحالة :»ماعرفت أن زواجي مصيبة إلا بعد ما وقع الفأس بالرأس «لم تكن تعرف كيف تخرج من مسار هذه الحياة الصعبة ،وهي تصبر لأنه ما من حل آخر ،فالطلاق ممنوع من أهلها وزوجها ،وقد خطر لها الهرب من بيتها لكن لمن ستترك أولادها ؟وماذا سيقول الناس عنها ؟
منذ حوالي سنتين توفي الزوج بسبب تشمع بالكبد ،وانتهت سلسلة الإهانة،لكن بدأ لديها شعور عميق بالحزن والاكتئاب على فقدان زوجها من جهة ، وعلى ما ضاع من حياتها وعلى شعورها بالضياع بعد موته ،فهي لم تكن تخرج من البيت إلا معه ولاتعرف القراءة ولا الكتابة ،كما أنها لا تملك أي مصدر للدخل سوى ما سينفقه عليها أولادها ،لقد شعرت بفقدان المعنى وعبرت عن ذلك بقولها «لاأدري كيف مرت الأيام ..لكن ماعرفته وأحسسته أني لم أعش كما باقي الناس وحاليا ليس لدي سند ولامعيل.
ولا أعرف كيف اتحرك في هذه الدنيا « ،سمعت أن جارتها تقوم بدورة محو الأمية في مركز المساحة الآمنة ،فزارت المركز وقابلت مقدمة الدعم الاجتماعي التي قيّمت حالتها ومن ثم توجيهها إلى اختصاصي الدعم النفسي لتلقي التدخلات النفسية المناسبة لتتخلص من أعراض الاكتئاب ،وفي الوقت نفسه التحقت بدورة محو أمية وأبدت رغبتها والتزامها رغم بعض التعليقات الاجتماعية من بعض الأقارب التي لا تخلو من السخرية من قدرتها على التعلم وعن فائدة ذلك .
تابعت مريم الدورة التعليمية إلى نهايتها واجتازت الاختبار المحدد بدرجات عالية والتحقت بدورة قيادة الحاسوب لتتجاوز فرق الزمن وتتعلم كالجيل الحالي .
تؤكد مريم لكل النساء، أن الحياة لاتقف عند مشكلة ما أو عمر ما وهناك الكثير من الأهداف التي يمكن تحقيقها وقد قالت خلال جلسة التوعية التي أجريت في المساحة الآمنة حول تجربة ناجحة لناجية من العنف القائم على النوع الاجتماعي :«حياتي لها معنى ..معنى أكتبه بقلمي ».
رويده سليمان

 

التاريخ: الخميس 12 – 3 – 2020
رقم العدد : 17215

 

آخر الأخبار
بمشاركة سورية.. انطلاق فعاليات المؤتمر الوزاري الرابع حول المرأة والأمن والسلم في جامعة الدول العربي... موضوع “تدقيق العقود والتصديق عليها” بين أخذ ورد في مجلس الوزراء.. الدكتور الجلالي: معالجة جذر إشكالي... بري: أحبطنا مفاعيل العدوان الإسرائيلي ونطوي لحظة تاريخية هي الأخطر على لبنان عناوين الصحف العالمية 27/11/2024 قانون يُجيز تعيين الخريجين الجامعيين الأوائل في وزارة التربية (مدرسين أو معلمي صف) دون مسابقة تفقد معبر العريضة بعد تعرضه لعدوان إسرائيلي الرئيس الأسد يصدر قانوناً بإحداث جامعة “اللاهوت المسيحي والدراسات الدينية والفلسفية” الرئيس الأسد يصدر قانون إحداث وزارة “التربية والتعليم” تحل بدلاً من الوزارة المحدثة عام 1944 هل ثمة وجه لاستنجاد نتنياهو بـ "دريفوس"؟ القوات الروسية تدمر معقلاً أوكرانياً في دونيتسك وتسقط 39 مسيرة الاستخبارات الروسية: الأنغلوسكسونيون يدفعون كييف للإرهاب النووي ناريشكين: قاعدة التنف تحولت إلى مصنع لإنتاج المسلحين الخاضعين للغرب الصين رداً على تهديدات ترامب: لا يوجد رابح في الحروب التجارية "ذا انترسبت": يجب محاكمة الولايات المتحدة على جرائمها أفضل عرض سريري بمؤتمر الجمعية الأمريكية للقدم السكرية في لوس أنجلوس لمستشفى دمشق الوزير المنجد: قانون التجارة الداخلية نقطة الانطلاق لتعديل بقية القوانين 7455 طناً الأقطان المستلمة  في محلجي العاصي ومحردة هطولات مطرية متفرقة في أغلب المحافظات إعادة فتح موانئ القطاع الجنوبي موقع "أنتي وور": الهروب إلى الأمام.. حالة "إسرائيل" اليوم