الطبيعة تدافع عن نفسها

أصبح فيروس كورونا الشغل الشاغل لكل دول العالم وشعوبه، وانتقل الشعور بالخطر والخوف من القوة العسكرية والتقنية ومخاطرها والصراعات التي يشهدها العديد من دول العالم إلى الخوف والحذر من القوة البيولوجية وقوة الطبيعة، وهذا يعكس حقيقة أن الإنسان مهما امتلك من أدوات القوة والمعرفة والسيطرة لا يمكنه التحكم بقوة الطبيعة والسيطرة عليها على الرغم من أنه استطاع التحكم إلى حد كبير بحركة المياه عبر إشادة السدود وكذلك الاستفادة من الرياح والطاقة الشمسية وغيرها.
إن الطبيعة كائن حي شأنها شأن الكائنات الحية الأخرى، تتأثر وتؤثر، وكما تقوم الكريات البيض بالدفاع عن الجسم حال تعرضه لمؤثرات خارجية من أمراض مختلفة، فكذلك حال الطبيعة، فالزلازل والأعاصير وبعض الأوبئة هي بمعنى من المعاني شكل من أشكال ردة الفعل على ما تتعرض له الطبيعة من عدوان بشري عليها، سواء كان تغيير مجاري الأنهار ومصدات الرياح وقطع الأشجار ونفايات المصانع وما تنفثه المعامل والمصانع من دخان وأبخرة ومخلفات تلوث المناخ إضافة إلى التجارب النووية تحت الأرض وفوقها وما لذلك من انعكاسات على التوازن البيئي.
لقد عُقد العديد من المؤتمرات المتعلقة بوقف التلوث البيئي والحفاظ على المناخ بهدف إيجاد آليات لوقف التدهور الحاصل في عناصر البيئة النظيفة والحد من الاستثمار الجائر للمياه ووقف التصحر المتشكل من قطع الأشجار لجهة التوسع في المدن الإسمنتية على حساب المساحات الخضراء، وكذلك حرائق الغابات التي كان لها انعكاس كبير على التوازن البيئي، ناهيك عن تآكل طبقة الأوزون وما لذلك من انعكاس على ارتفاع درجة الحرارة على الأرض، إضافة إلى ذوبان الجليد في القطبين الشمالي والجنوبي الذي ينذر إن استمر بغرق العديد من المدن في شمالي الكرة الأرضية وجنوبها فقد يصل إلى حدود الطوفانات التي حدثت عبر التاريخ، وأزالت حواضر وحضارات سادت ثم بادت بفعل ثورة الطبيعة.
إن إعادة التوازن في العلاقة بين الإنسان والطبيعة وهما ركنا الحياة البشرية وكذلك الصداقة بينهما لجهة ألا تتحول التقانة المتطورة التي يبدعها الإنسان إلى فعل هدم واعتداء البيئة والطبيعة أو على حسابهما هي مسألة غاية في الأهمية، ومن هنا تأتي أهمية أخذ التحذيرات التي توجهها بعض المنظمات الدولية وقوى المجتمع المدني المهتمة بقضايا البيئة بعين الاعتبار من دول العالم، ولاسيما الدول الصناعية الكبرى والتزامها باتفاقية المناخ وحصصها فيه وعدم تقديم المنافع الاقتصادية والمكاسب المادية على استمرار الحياة البشرية على كوكبنا الأرضي الجميل الذي يمثل العقد الفريد في الخلق الإلهي البديع وسفينة فضاء عائمة في كون سرمدي.
إن فيروس كورونا الذي تحول إلى وباء حسب منظمة الصحة العالمية بفعل انتشاره السريع ما هو إلا رسالة تحذير وإنذار للبشرية من طبيعة لا تعرف الصمت بأن كفوا عن انتهاكاتكم لها، وأوقفوا عدوانكم عليها، وتصالحوا معها، فهي إن غضبت لا قبل لكم في مواجهتها والحد من سطوتها أو ردعها.

خلف علي المفتاح
التاريخ: الاثنين 16-3-2020
الرقم: 17217

آخر الأخبار
الأتارب تُجدّد حضورها في ذاكرة التحرير  الثالثة عشرة وزير الطوارئ يبحث مع وزير الخارجية البريطاني سبل مكافحة حرائق الغابات تحية لأبطال خطوط النار.. رجال الإطفاء يصنعون المعجزات في مواجهة حرائق اللاذقية غابات الساحل تحترق... نار تلتهم الشجر والحجر والدفاع المدني يبذل جهوداً كبيرة "نَفَس" تنطلق من تحت الرماد.. استجابة عاجلة لحرائق الساحل السوري أردوغان: وحدة سوريا أولوية لتركيا.. ورفع العقوبات يفتح أبواب التنمية والتعاون مفتي لبنان في دمشق.. انفتاح يؤسس لعلاقة جديدة بين بيروت ودمشق بريطانيا تُطلق مرحلة جديدة في العلاقات مع دمشق وتعلن عن دعم إنساني إضافي معلمو إدلب يحتجون و" التربية"  تطمئن وتؤكد استمرار صرف رواتبهم بالدولار دخل ونفقات الأسرة بمسح وطني شامل  حركة نشطة يشهدها مركز حدود نصيب زراعة الموز في طرطوس بين التحديات ومنافسة المستورد... فهل تستمر؟ النحاس لـ"الثورة": الهوية البصرية تعكس تطلعات السوريين برسم وطن الحرية  الجفاف والاحتلال الإسرائيلي يهددان الزراعة في جنوب سوريا أطفال مشردون ومدمنون وحوامل.. ظواهر صادمة في الشارع تهدّد أطفال سوريا صيانة عدد من آبار المياه بالقنيطرة  تركيا تشارك في إخماد حرائق ريف اللاذقية بطائرات وآليات   حفريات خطرة في مداخل سوق هال طفس  عون ينفي عبور مجموعات مسلّحة من سوريا ويؤكد التنسيق مع دمشق  طلاب التاسع يخوضون امتحان اللغة الفرنسية دون تعقيد أو غموض