ثورة أون لاين – غصون سليمان:
الصحة أغلى من أي تاج والعافية سفيرة الروح والنفس والجسد للتمتع بحياة أفضل, هذا الأفضل نحققه اليوم من خلال استثمارنا لظروف طارئة فرضت على الجميع بشكل دراماتيكي، ما جعل الأمن الصحي للبشرية جمعاء في دائرة الخطر الحقيقي, وحسن العاقبة هنا للعقلاء ممن يدركون مسؤولياتهم ويعرفون واجباتهم.
فالعالم بأكمله يعيش ظرفا استثنائيا فرضه واقع حال قسري، عنوانه فيروس كورونا العابر لكل التفاصيل والاستفسارات, والذي فرض شروطه وتداعياته الوبائية على جغرافيا العالم دون استثناء.
فالدراسات والأبحاث العلمية تؤكد كل ساعة خطورة فتكه بالبشر اذا ما وصل بالعدوى وبالتالي فإن عدم الالتزام بالشروط الوقائية الصحية يضاعف الخوف والمرض وحتى فقدان الحياة. فأول عامل للأمان هو المكوث بالمنزل واتباع الإجراءات الاحترازية داخله دون أي استهتار أو لامبالاة أو التقليل من مخاطره من خلال عبارة «لن يصيبنا شيء» وهنا تكون الطامة الكبرى عندما لا يقدر المرء خطورة الأشياء ويدعو عليها بالتمني..
بالتأكيد يبقى البيت و المنزل هو خط الدفاع الأول حين تدرك الأسرة أبعاد ما يجري من طوارئ عابرة للحدود والأمكنة وأن لا أحد بمنأى عن وباء كورونا..
ليس عيبا أن ترفض اي عائلة أو أي شخص كان زيارة غير ضرورية أو ملحة طلبها بعض الأصدقاء والأقارب والمعارف, لاداعي للخجل أو الإحراج من استخدام عبارة نعتذر عن استقبال الضيوف، صحتنا تهمنا, اهتموا بصحتكم كما فعل العديد من أسر أبناء المجتمع. وهذا ما فعلته إحدى السيدات بحارتها حيث وضعت على باب منزلها وبعض الجدران ملصقات التوعية التي توضح فيها جميع الإجراءات الاحترازية.. كما اجتمعت مع جميع الأمهات في الحارة وأكدت عليهن وجوب الالتزام والاهتمام بصحة أبنائهن وكيفية التعامل معهم في توضيح الشروط الصحية وطبقتها عمليا أمامهم بدءا من طريقة الغسل والتعقيم واستخدام أدوات لعب نظيفة داخل المنازل, وعدم الخروج للعب في الشارع، وتعويض ذلك بابتكار اساليب لاتخلو من الإبداع والاختراع جاذبة للأبناء ومحفزة للقيام بأعمال إيجابية تساهم وتساعد على تحمل البقاء في المنزل لساعات وأيام..
كما أن العديد من معلمات المدارس أيضا اتصلن بطلابهن من خلال مجموعات على شبكات التواصل الاجتماعي, للإجابة على استفسارات التلاميذ والطلبة حول الدروس والمذاكرات الفصلية التي كانت مقررة خلال الاسبوع الفائت للحلقة الأولى وتوضيح ما صعب عليهم من أسئلة ومعرفة, ولفتت المعلمات إلى أن أجمل هدية في عيد المعلم هو الاجتهاد والالتزام بالمنزل, حتى إن البعض منهن سيكافئن من عمل بالشروط الوقائية والتزم مع أسرته وبيته, هذا ما أفصحت عنه بعض معلمات المدارس في المنطقة التي نسكنها بريف دمشق.
يجب ردع كل من يستهتر ويقلل من مخاطر الوباء وأن الصحة العامة بخطر إن لم يكن الجميع على قدر عال من المسؤولية, وبالتالي لا ينقصنا كمجتمع بعد ما يقارب العشر سنوات من حرب مدمرة وحصار ظالم أن نخسر المزيد من الأرواح والأعباء الاقتصادية والصحية والاجتماعية, فما يجري من تحديات صحية على مستوى العالم ليس «مزحة»كما يقال، بل هناك أخطار محدقة حقيقية تطال الجميع دون استثناء. فهل نتغلب عليها بالوعي وتحمل المسؤولية ونكون عونا لمجتمعنا ومؤسساتنا الوطنية.