حكايات من أفريقيا الوسطى

 

الملحق الثقافي:سلام الفاضل:

كان الأفارقة المتقدمون في العمر يحتفظون بشغف وحنين بذكريات الطفولة المفعمة بالحيوية، وقصصها، ومغامراتها. ففي ذلك الزمان كان الناس يجتمعون حول من يقصُّ الحكاية؛ فالمدرسة لم تكن موجودة آنذاك، والتعليم والتربية كانا يتمان من خلال سرد الحكواتي للحكايات، التي كانت تجذب المستمعين إليها بسحر كلماتها، وتخلب ألبابهم بأسلوب سردها، تاركةً إياهم يرفلون في مزيج فريد من السرور والدهشة.
كانت تبدأ الأمسيات عادة حينما يحل الظلام، ويعم السكون، وتنتهي الواجبات المنزلية، عند ذلك تكون النفوس صافية ونقية ومستعدة لقبول حديث الحكواتي؛ هذا الحديث الذي أمسى لاحقاً مسألة تراث وتقاليد متبعة في أفريقيا، إذ لا يكاد يخلو لقاء أو اجتماع من التطرق إلى هذا الموروث الشعبي، وما كان يحققه من فائدة تربوية، ويخلّفه من متعة وإدهاش، وخاصة إن اجتمعت له أركان فن الرواية من مهارة الراوي في وصف الموقف، إلى بث الحياة في الشخوص القصصية، وصولاً إلى تسيير الأحداث، وفتح الباب أمام التخيّل ليلج منه القارئ نحو الحكمة المخبوءة.
والمجموعة القصصية (حكايات من أفريقيا الوسطى)، ترجمة: عوض الأحمد، والصادرة عن الهيئة العامة السورية للكتاب، تنقلنا وعبر ست وعشرين حكاية نحو عوالم أفريقية، مُشرّعةً الباب أمامنا لكي ندلف مع كل واحدة منها إلى آفاق جديدة، ونعايش شخوصاً تمايزت طبائعها, وأصولها بين إنسان وحيوان، لنخرج منها بعد ذلك بمغزى نطقت به حروفها.
الشقيقتان
تتحدث هذه الحكاية عن مساوئ الغيرة والغرور، وأهمية فعل الخير، وضرورة أن نتمناه لسوانا، كما نرجوه لأنفسنا، لنخرج منتصرين في النهاية. تخبرنا هذه الحكاية قصة شقيقتين كانتا على قدر كبير من الجمال، وحينما تقدم أحد الشبان للزواج من الكبرى، قررت الشقيقتان أن تذهبا لصيد الأسماك والسرطانات في الساقية، لتحضير كعكة المانجا البرية التي درجت الفتيات تحضيرها حينما يتقدم أحد الشبان لخطبتهن.
وفي أثناء الصيد ألقت الشقيقة الكبرى القبض على سرطان ضخم، وسلمته لشقيقتها الصغرى التي أضاعته، مما أثار حنقها، وهيّج أعصابها، ودفعها إلى إنذار شقيقتها بضرورة أن تجد السرطان بأي ثمن. سمعت الأخت الصغرى وهي تتبع مجرى الساقية بحثاً عن السرطان الضائع صوتاً يأمرها بمتابعة المسير حتى تصل إلى قرية ملك الغابة، وأن تغني المدائح له دون أن تلفظ اسمه؛ فملك الغابة هذا ما كان سوى أفعى ضخمة. أطاعت الصبية النصائح وحين وصلت القرية أكرمها الملك، وأعادها إلى كوخ والديها بعد سبعة أيام، محملة بسلال كبيرة من الهدايا والسمك الطازج والجاف.
أصابت الغيرة الشقيقة الكبرى بعد ما رأته من حسن ضيافة الملك لشقيقتها، فقررت سلوك الطريق نفسه، وسمعت حين ذلك الصوت نفسه، بيد أن غرورها وزهوها بنفسها دفعاها إلى عدم إطاعة النصائح، فلفظت الكلمة الممنوعة (أفعى)، وفي الحال ابتلعها الملك بعد أن تحول إلى أفعى كبيرة، وتزوجت الشقيقة الصغرى في الختام من الشاب الذي تقدم يوماً لخطبة أختها الكبرى.
الأفعى والحجل
أما هذه الحكاية فهي أقصوصة عُقدت حواراتها على لسان حيوانين هما الأفعى والحجل. تتحدث هذه القصة عن أهمية الوفاء، ومدى قبح الغدر، وضرورة حفظ الجميل، وذلك عبر سوقها قصة أفعى كانت تزحف في أحد الحقول التي أشعل فيها الفلاحون النار، ليخلوا الأرض من الزواحف والحشرات للزراعة. وحينما أحست الأفعى بأن النيران تحيط بها من كل جانب، شعرت أنه لا مفر من الموت، وشرعت تبكي بيأس.
في هذه الأثناء سمع حجل أنين الأفعى الزاحفة، فحلّق بجرأة ليدركها وسط النيران، وطار بها نحو مكان آمن؛ فما كان من هذه الأفعى بعد أن أصبحت في مأمن من النار سوى أن التفت سريعاً حول قائمتي الطائر، وهمّت بابتلاعه، فقال الحجل:
«يا كافرة بالنعمة، يا صديقتي الأفعى! بدلاً من المعروف الذي أسديته لك ماذا تخبئين لي؟».
وهنا حلق الطائر مجدداً في الفضاء وهو مذعور، والأفعى تعض ذنبه بقصد ابتلاعه، وبعد أن وصل فوق نار الجمر هزّ ريش ذنبه، فانفصلت الأفعى عنه وسقطت آثمة في النار بعد أن عضت اليد التي مدت المعروف نحوها.

التاريخ: الثلاثاء21-4-2020

رقم العدد : 995

آخر الأخبار
الإمارات تستأنف رحلاتها الجوية إلى سوريا بعد زيارة الشرع لأبو ظبي الاحتلال يواصل مجازره في غزة.. ويصعد عدوانه على الضفة مصر والكويت تدينان الاعتداءات الإسرائيلية وتؤكدان أهمية الحفاظ على وحدة سوريا بعد أنباء عن تقليص القوات الأميركية في سوريا..البنتاغون ينفي إصلاح محطة ضخ الصرف الصحي بمدينة الحارة صحة اللّاذقية تتفقد مخبر الصحة العامة ترامب يحذر إيران من تبعات امتلاك سلاح نووي ويطالبها بعدم المماطلة لكسب الوقت  الأونروا: إسرائيل استهدفت 400 مدرسة في غزة منذ2023 صحة طرطوس تستعد لحملة تعزيز اللقاح الروتيني عند الأطفال الأونكتاد" تدعو لاستثناء اقتصادات الدول الضعيفة والصغيرة من التعرفات الأميركية الجديدة إصلاح المنظومة القانونية.. خطوة نحو الانفتاح الدولي واستعادة الدور الريادي لسوريا التربية تباشر تأهيل 9 مدارس بحماة مركز لخدمة المواطن في سلمية الاستثمار في المزايا المطلقة لثروات سوريا.. طريق إنقاذ لا بدّ أن يسير به الاقتصاد السوري أولويات الاقتصاد.. د. إبراهيم لـ"الثورة": التقدّم بنسق والمضي بسياسة اقتصادية واضحة المعالم خبراء اقتصاديون لـ"الثورة": إعادة تصحيح العلاقة مع "النقد الدولي" ينعكس إيجاباً على الاقتصاد المحلي في ختام الزيارة.. سلام: تفتح صفحة جديدة في مسار العلاقات بين لبنان وسوريا  محافظ اللاذقية يلتقي مواطنين ويستمع إلى شكاويهم المصادقة على عدة مشاريع في حمص الأمن العام بالصنمين يضبط سيارة مخالفة ويستلم أسلحة