من غير المناسب في ظروفنا الحالية أن نلقي بكامل اللوم على (وعي المواطنين) وتحميلهم مسؤولية خلق أزمات في الأسواق المحلية من خلال إقبالهم على شراء احتياجاتهم بكميات غير معتادة الأمر الذي تسبب بحسب ما ذهب إليه البعض إلى رفع الطلب وبالتالي زيادة الأسعار..
وكان من باب أولى أن يتم معرفة الأسباب الرئيسية التي تشكل الوعي الجمعي للمواطنين سواء كان إيجابياً أو سلبياً، فلعل الإقبال على شراء الاحتياجات بشكل كبير خلال فترة الإجراءات الاحترازية، كان مرده حالة من عدم الثقة بقوى السوق المتحكمة والتي تستغل مختلف الظروف لصالحها لتحقيق مكاسب جديدة، في وقت لا تملك المؤسسات الرقابية المعنية الإمكانية لردعهم ووضع الأمور في نصابها،. وبالتالي فهذا السلوك أقرب إلى ردات الفعل التي يقوم بها الفرد بهدف التخفيف من الصدمات السعرية..وهذا ما يسمى بالحماية الذاتية.
وفي مثال آخر قريب نجد أن خيبة الأمل التي تلقاها أصحاب الدخل المحدود قبل أيام كان مردها عدم القدرة على الالتزام بالقرارات والتعليمات وربما لم تحظ تلك القرارات بالدراسة الوافية والكافية قبل إصدارها، ونتحدث هنا عن قرار المصرف المركزي بإلزام المصارف العاملة بتشميل قروض محدودي الدخل بقرار تأجيل تحصيل الأقساط المستحقة على القروض غير المتعثرة لمدة ثلاثة أشهر ولمرة واحدة، إلا أن أياً من المصارف العامة لم تلتزم بهذا القرار وكل ما رشح من معلومات عن هذا يقول بأن الأمر قيد الدراسة بين المصارف والمالية..!!
مثل هذا الأمر وربما غيره يوسع الفجوة ويقلل المصداقية ببعض ما يتم التصريح عنه فيما يخص معيشة المواطن اليومية، ذلك أن المواطن يحتاج لأن يلمس إجراءات عملية تتطابق مع التصريحات التي تتحدث عن قرب معالجة مشكلة يواجهها أو متاعب يعاني منها، ليس فقط فيما يتعلق بالأسعار وإنما في الكثير من القضايا الخدمية الأخرى المرتبطة بحياته اليومية من كهرباء واتصالات وسكن و….
وعليه فإن المسؤولية تقع بالدرجة الأولى على المعنيين بالشأن العام، لبناء وعي مجتمعي يحقق استجابة سريعة وإيجابية لمختلف الإجراءات والتعليمات والقرارات التي تصدر، وبما يدفع باتجاه تحصين المجتمع من الصدمات والهزات التي قد تحدث، وبما لا يسمح بحالات فوضى وانفلات يقوم بها قلة من المعتاشين على الأزمات على حساب الغالبية…
حديث الناس – محمود ديبو