ثورة أون لاين:
منذ فترة طويلة رجح العلماء أن يتسبب ارتفاع درجات حرارة الكوكب في انتشار الأمراض المعدية، مغيرًا العلاقة بين العوامل المعدية والأجسام المضيفة والآليات الدفاعية لجسم الإنسان.
وعلى الرغم من أن الرابط بين ارتفاع حرارة الكوكب والأمراض التنفسية؛ مثل الإنفلونزا وكوفيد-19، ما زال غير واضح تمامًا، إلا أن بعض العلماء لا يخفون قلقهم من انعكاس التغير المناخي على علاقة أنظمة أجسامنا الدفاعية مع الأمراض.
وقد تتسبب التغيرات الطارئة المرتبطة بالاحترار العالمي في تأقلم الميكروبات مع كوكب أدفأ، وتغير العلاقة بين العوامل الممرضة وأجسام الحيوانات المضيفة، وضعف رد الفعل المناعي البشري.
حاجز الحماية الحراري
ونقل موقع ساينتيفيك أميريكان، عن آرتورو كاساديفال، رئيس قسم علم الأحياء الجزيئية والمناعة في كلية جونز هوبكنز بلومبيرج للصحة العامة، إن «كثيرًا من الكائنات الدقيقة لا تتحمل درجة حرارة أجسادنا الطبيعية؛ 37 مئوية، وتموت عندها، مصطدمة بحاجز حراري طبيعي يحمينا من عوامل ممرضة عديدة.»
تغيرات
ولكن هذا الوضع تغير على ما يبدو في الآونة الأخيرة، إذ نشر كاساديفال وفريقه البحثي، في العام 2019، ورقة بحثية، تصف فطرًا مقاومًا للأدوية يدعى كانيدا أوريس، استُخرِج من شخص في العام 2009، عُثِر عليه بعدها في ثلاث قارات خلال العقد الماضي، ما يعطينا مثالًا خطيرًا على تأقلم فطري مع درجات حرارة أعلى واختراقه للحاجز الحراري البشري.
ويتمثل الخطر حاليًا في تأقلم كائنات ذات دم بارد مع ظروف أدفأ، ما قد يؤدي إلى انتشار أمراض جديد لا قِبل لأجسامنا بالتصدي لها؛ وقال كاساديفال «نملك كبشر خطي دفاع ضد الفيروسات؛ درجة حرارة أجسادنا، ونظامنا المناعي المتطور. ولكن في عالم أدفأ، قد نخسر أحدهما.»
خسارة المناعة
وما يثير القلق أكثر، توقعات حديثة لباحثين من جامعة طوكيو، بأن خط دفاعنا الثاني في خطر أيضًا، إذ خلصت دراستهم التي نشروها مجلة أكاديمية العلوم الأميركية، العام 2019 -بعد تجارب أجروها على فئران محقونة بفيروس الإنفلونزا الموسمي- إلى أن درجات الحرارة العالية أضعفت فاعلية الجهاز المناعي. وإن كان الرابط غير واضح تمامًا بعد.
هجرة الكائنات إلى بيئات أبرد
وقد يتسبب ارتفاع درجات حرارة كوكبنا بخطرٍ آخر، مرتبط بميل الكائنات الحية إلى الانتقال نحو بيئات أقل حرارة، إذ نشرت مجلة ساينس في العام 2017، دراسة فحواها أن الكائنات التي تعيش على اليابسة تقترب من مناطق القطبين بمعدل 17 كيلومترًا في العقد، بينما تقترب الكائنات البحرية بمعدل 72 كيلومترًا في العقد، ما يتسبب باختلاط كائنات لم يسبق لها أن عاشت بالقرب من بعضها، وقد يؤدي إلى طرائق جديدة لانتشار العدوى.
وقالت الدكتورة إيلين فوكسمان، الأستاذة في قسم الطب المختبري والمناعة في كلية ييل الطبية، إن «تغير المناخ يشوش كثيرًا من أنماط النشاط البشري والحشرات وحتى الخفافيش التي أتى منها الفيروس المُسبِّب لمرض كوفيد-19 وباقي الفيروسات التاجية. وقد يؤدي التشويش إلى تغيير التفاعل بين الأمراض وخطوط الدفاع البشرية بأساليب لم يفهمها العلماء بعد.»