مازالت الذاكرة تحتفظ بكل التفاصيل, حيث المشاهد الإنسانية النبيلة عن الشهادة, ومعاني العطاء اللامحدود والاستعداد الدائم للبذل والتضحية, فهذه الأرض التي رويت عبر السنين بدماء الشهداء الأبرار, أشعلت ترابها قناديل نور لتبدد الظلام القادم من مجاهل التاريخ, ولتزرع الصبح قمحاً ونوراً وبهاءً.
إنه يوم الشهيد, يوم الذين ضحوا من أجلنا ومن أجل عزة الوطن وكرامته.. ووقفوا أمام المحن والعواصف، فكانوا أسطورة في الرسوخ والبقاء, وكانوا الدم النقي البهي الطاهر.
يوم مقدس, فعلاقة السوريين بالشهادة لم تكن حالة طارئة, بل تمتد في عمق جذورهم وتاريخهم, وصميم وجودهم.
في كل بقعة من بقاع سورية نرى صور الشهداء تزين جدران المدينة, مشهد كرّسه السوريون منذ فجر التاريخ وحتى اللحظة, زغاريد الشهادة تصدح في سماء الوطن وقد نادتها حناجر النسوة في استقبال أبنائهن وفي وداعهن.
كل الدروب التي مضت فيها مواكبهم.. وكل هذه الصور المزروعة في وجداننا تزرع لحظة أمل جديدة ويوماً مشرقاً في حياة الوطن.
اليوم يسطّر رجال الجيش العربي السوري أروع البطولات, حكاية الصمود والانتصار لها دلالاتها ومعطياتها الحقيقية التي تعيد للذاكرة توهجها.
في سورية..
ليوم الشهيد طعم آخر, فهو لم يتوقف يوماً ولم يعرف الغياب, فكانت تلك العلاقة الأزلية بين الأرض والشهيد… وكانت جداول العزة والكرامة ترتسم فوق خريطة الوطن, فإشراقة الفجر الذي صنعوه لابد أن من أن تستمر مهما حاولت قوى الغدر والظلام أن تحجب نورها.
في يوم الشهيد يحق لنا أن نفخر ونعتز بما قدمناه خلال سني الحرب على سورية وقبلها, فعلاقتنا بالماضي وبشهدائنا ستبقى في الحاضر والمستقبل وللأجيال القادمة الذين سيبدعون تلك الثقافة وتقاليدها وقيمها.
في هذا اليوم وكل يوم ننحني لأرواح الشهداء الذين قضوا في سبيل عزة سورية وكرامتها, ومن ثم نجدد لهم العهد بأن أرواحهم الطاهرة لم تذهب هدراً، وإنما أورقت انتصاراً وعطاء وحباً وسلاماً.
رؤية- عمار النعمة