يقف العالم كله عند حافة الهاوية نظراً لسياسة دونالد ترامب المتهورة التي تضع الحلفاء قبل الخصوم والأعداء أمام احتمالات الدخول في مواجهات أو حروب، وفي أقل التقديرات الدخول في مواجهات وضغوط اقتصادية كبرى قد تفضي لاحقاً لمواجهة لا مفر منها.
وكل يوم، بل كل ساعة قد يباغت ترامب المتابعين بقرارات وتصريحات بعيدة عن التوقعات كلها، فمن آلية تعامله مع جائحة فيروس كورونا البعيدة عن كل المعطيات العلمية، وصولاً إلى قراراته بسحب قوات وأسلحة وصواريخ باليستية من أكثر من منطقة في شرقنا العربي ومناطق أخرى، يبقى العامل الانتخابي القادم المحرك الأساس لجميع تلك القرارات.
صحيح أن ترامب وضع العالم أمام حالة مستجدة في تاريخ السياسة الدولية، تمثلت بالقرارات التي تتنافى مع كل الأخلاق والأعراف الدولية التي تتنكر للاتفاقيات والمعاهدات التي تسقط التحالفات وتستهين بالأصدقاء والحلفاء التاريخيين، إلا أنه في هذا الوقت يدخل مرحلة أكثر رعونة وصلفاً وجبروتاً وضرباً لكل الأعراف والقوانين في التاريخ السياسي للدول، وخاصة الدول الكبرى.
فساكن البيت الأبيض المهووس بسلوك رعاة البقر وأوائل المجرمين من أجداده المهاجرين يتطلع لاستعادة مرحلة قتل السكان الأصليين للقارة الجديدة، وهو يتطلع اليوم لمد ذلك السلوك على سكان الكرة الأرضية كلها، وخاصة تلك التي تقف بمواجهته بشكل مباشر، وهنا هو لا يسمح حتى لحلفائه وأصدقائه بإبداء أي اعتراض أو نقد لتلك السياسات، معتقداً أن الإجراءات التسلطية التي مارسها خلال السنوات الثلاث الماضية والتي دعمت الخزينة الفيدرالية بأكثر من ستمئة مليار دولار، والتي أسهمت في خلق وظائف جديدة، وقللت من معدل البطالة اعتماداً على ابتزاز الأصدقاء، لا ينبغي أن تذهب هباءً أمام صناديق الانتخابات في تشرين الثاني القادم.
ومما يؤلم ترامب اليوم الاحتمال شبه المؤكد من أن منافسه سيكون جو بايدن المرشح الديمقراطي الضعيف، ولكنه هو من أوصله إلى الوقوف متهماً أمام مجلس النواب بعد اتصالاته مع أوكرانيا، ليجد المخرج من خلال الأكثرية الجمهورية في مجلس الشيوخ، الأمر الذي يزيد مخاوفه ويدفعه للإقدام على حماقات اعتاد العالم توقعها، لكنها قد تضع العالم أمام احتمالات مواجهات صعبة لا تستطيع دول حليفة تحمل عواقبها.
ويزيد من تلك الصعوبات التراجع الكبير في أسعار النفط نتيجة الحرب غير المدروسة من جانب الولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية ضد روسيا، وهو ما انعكس خسارات على منتجي النفط الصخري داخل الولايات المتحدة الأميركية نفسها، وبالتالي خسارة عشرات آلاف الوظائف التي فاخر بها ترامب خلال سنوات حكمه.
وتبقى الاحتمالات مفتوحة على أسوأ حالاتها على المستوى الدولي، فواشنطن ترى بأم العين التقدم التقني والعسكري لدى كل من روسيا والصين وإيران وحتى كوريا الديمقراطية، وترى أن سياسة العقوبات زادتها قوة وحضوراً وفاعلية، وبالتالي فإن التوقعات ترجح احتمالات المواجهات الساخنة، وذلك قبل وقت قصير من فتح السباق الفعلي إلى البيت الأبيض، وهو ما يستدعي استنفاراً وحذراً واستعداداً من جهات كثيرة، ومنها محور المقاومة القادر على تهديد الكيان الصهيوني، باعتباره العامل الأبرز في سباق الانتخابات الرئاسية الأميركية.
معاً على الطريق- مصطفى المقداد