ثورة أون لاين:
لعل الكثير من المشاهد التمثيلية التي يسترجعها متابع دراما شغوف، كنوع من نوستالجيا فنية، هي مشاهد غنية من حيث المضمون والمعنى تنتمي لفترات زمنية ماضية بدأت تقلّ نسبة جودة حاضرها، ولا سيما المعروض حالياً.
الملاحظ أن دراما اليوم تنحاز نحو كل ما هو سطحي مبتعدةً عن (القيمي)..
الهشاشة سيدة الموقف بمجمل ما يعرضون..
محصلة نظرة بانورامية سريعة للمسلسلات السورية التي تعرض حالياً تفيد بافتقاد نوعية المسلسلات الاجتماعية المعاصرة التي كانت تشكل رافعة الموسم الرمضاني..
في هذا العام نفتقد أعمالاً مثل “الندم”، “مسافه أمان” “عندما تشيخ الذئاب” وغيرها من أعمال ذات نص قادر على تقديم أفكارٍ وطروحاتٍ مهمة.
تهرب معظم المسلسلات من ملامسة واقعية اللحظة، إلى الماضي.. وأخرى اختارت اللجوء إلى ما يسمونه تجاوزاً كوميديا.
ما نشاهده حالياً يشبه الشتات.. إنه شتات يتجمع في شبه لوحة تختلط فيها الألوان.. فلا تمايز ولا قدرة على التفاضل في ظل انحسار “الجودة” المطلوبة.
أين الدراما الاجتماعية الحقيقية التي تعبر عن الخصوصية المجتمع السوري..؟
أكثر عملين يعبران عن هذه الخصوصية سنجدهما يتكئان على الماضي ينحازان إليه وهما “بروكار” و”سوق الحرير” أعمال البيئة.. وسواها ثمة عمل “مقابلة مع السيد ادم” اجتماعي معاصر لكن تصاعد خطه البوليسي ليتشابه مع خيالات بوليسية وقصة قاتل متسلسل يبعدانه عن أجواء الجريمة لدينا.. ما يجعله يخرج من نطاق كونه يعبر عن خصوصية “المحلي” المعاصر..
تتهشّم هذه الخصوصية كل عام أكثر من العام الذي قبله لصالح ما يطلق عليه دراما مشتركة.. والتي على ما يبدو تستمر بسحب البساط من تحت قدمي المنتج الدرامي السوري المحلي من حيث الكتاب ومن حيث المخرجين وكذلك النجوم.
تتضاءل مساحة القيمة فيما نُنتج.. وتنزاح معظم الإنتاجات هرباً إلى أشباه كلاسيكيات الماضي.. أو الفضفاض من تهريج غير موظّف بصيغته الأمثل.. ويبدو أن امتلاء المشهد الدرامي المحلي بأقلام شابة ومخرجين حديثي العهد بالإخراج.. لم ينجح بتحقيق معادلة “الكم يفرز النوع”.. وبقي النوع رهين “رمية من غير رامٍ”.
من المنطقي أن نصل إلى هكذا نوعية من الأعمال لطالما تغيب اقلام كتّاب مثل: فادي قوشقجي، حسن سامي يوسف، نجيب نصير، وأمل حنا.. وغيرهم ممن قدموا أعمالاً لا تنسى.. بالإضافة إلى غياب مخرجين اختاروا تقديم منجز درامي مشترك هذا العام، مثل الليث حجو الورقة الأكثر من رابحة في الدراما السورية المحلية المعاصرة.
لميس علي