أكثر ما يميّز السياسة الأميركية الخرقاء هذه الأيام وخاصة في عهد ترامب ووزير خارجيته المتعجرف مايك بومبيو هو الوقاحة والاستفزاز والجرأة في تبني الباطل والدفاع عن الشر وأهله، كما هو الحال مع حكام الكيان الصهيوني مرتكبي الجرائم والمجازر البشعة بحق العرب عموماً والفلسطينيين بشكل خاص.
ففي أحدث وأوقح المواقف الأميركية المنحازة إلى جانب المجرم والقاتل، جدد بومبيو معارضة بلاده أي تحقيقات تقوم بها المحكمة الجنائية الدولية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، واصفاً هذه التحقيقات بغير الشرعية، وذلك في جرعة دعم إضافية للكيان الغاصب قبل أشهر من الانتخابات الأميركية، وتشجيع سافر للمحتل كي يواصل جرائمه بحق الفلسطينيين وانتهاكه لحقوقهم المشروعة، وهو مطمئن لعدم خضوعه للمساءلة والعقاب، مقدماً بلاده مرة تلو المرة كمحامي دفاع عن القتلة والمجرمين الذين تلطخت أيديهم بدماء الأبرياء من الشعب الفلسطيني على مدى اثنين وسبعين عاماً ونيف.
المثير للسخرية في دفاع بومبيو عن كيان الإجرام هو قوله: “إن إسرائيل والولايات المتحدة ليستا من أعضاء نظام روما الأساسي الذي نشأت بموجبه المحكمة، وإن الفلسطينيين لا يتمتعون بدولة ذات سيادة، وبالتالي لا يحق لهم الحصول على عضوية كاملة في المحكمة الجنائية الدولية”.
بحسب هذا المنطق الأميركي غير الإنساني وغير الأخلاقي يحق للإسرائيليين أن يرتكبوا ما يحلو لهم من الجرائم بحق الفلسطينيين بذريعة عدم وجود دولة لهؤلاء المضطهدين، الأمر الذي تمنع الولايات المتحدة قيامه بسبب تحالفها ودعمها للجهة المغتصِبة، كما يحق للإسرائيليين أن يتملصوا من المساءلة والعقاب عن جرائمهم، لأن كيانهم غير الشرعي وغير القانوني لم يصدّق على نظام المحكمة، وهو منطق عنصري صرف، لكونه يصنف البشر إلى أجناس مختلفة يحق لبعضها ما لا يحق للبعض الآخر، كما أنه يشرعن ثقافة الغابة، ويطلق يد المجرم في دماء الضحية.
ولعل السؤال الذي يطرح نفسه إزاء الموقف الأميركي شديد الوقاحة والظلم: ماذا يفعل الفلسطينيون إذاً، إذا كانت مقاومتهم للمحتل ممنوعة، وإقامة دولتهم المستقلة ذات السيادة ممنوعة، ووقف الجرائم ضدهم ممنوع؟ لمن يلجؤون في هذه الحالة إذا كانت المحكمة الدولية غير مختصة بمعاقبة المجرم؟ هل يريد بومبيو فرض الاستسلام على الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته؟!.
نطمئن بومبيو بأن ما يبتغيه غير وارد البتة ولن يحدث أبداً!.
نافذة على حدث- عبد الحليم سعود