ثورة أون لاين-آنا عزيز خضر:
يحمل مفهوم التطوع بين سطوره، قيماً سامية من شأنها ترسيخ مفاهيم إنسانية في المجتمع، وقد جرت العادة أن يكون التطوع في المجال الاجتماعي دوماً. لكن، في الفترة الاخيرة تم لفت النظر من الكثير من المبدعين السوريين، إلى ترجمته كسلوكيات فاعلة في المجال الثقافي، وكان هناك الكثير من الفعاليات الثقافية ضمن نفس الإطار..
من هذه الفعاليات، تلك التي قامت بها “جمعية نحنا الثقافية” عبر أعمال مسرحية ومعارض وأنشطة.. أيضاً، أعمال كثيرة تقوم بها “الأمانة السورية للتنمية” إضافة إلى مبادرات فردية عديدة يقوم بها مبدعون، وقد اتسعت الدائرة في هذا السياق، بعد حالة الحرب التي تركت آثاراً بالغة الصعوبة على الجانب الثقافي، مثلما الاجتماعي والنفسي، والجوانب الأخرى كافة.
هذه المبادرات كثرت، وكانت بدافع الإحساس بالمسؤولية من المبدع تجاه المجتمع، ومنها ورشات الرسم التي ترعاها المراكز الثقافية، والتي تشرف عليها التشكيلية “وفاء الحافظ” وغيرها.
لقد كانت جمعية “بكرا إلنا” ذات حضور مميز في هذا الجانب، وقد شارك فيها الكثير من الفنانين ومنهم “مالك قرقوط” الذي سألناه عن هذه الجمعية وفعالياتها فكان قوله:
“إضافة إلى عملي ككاتب مسرحي وسيناريو، حاصل على عدة جوائز في مجال المسرح، أعمل حالياً مدرب تمثيل في مشروع “بكرا النا” ومدرب مسرح ودعم وتناسق نفسي حركي في “جمعية الرجاء لذوي الاحتياجات الخاصة” وقد تم تكليفي لمدة عامين بنادي مسرح الطفل في مديرية المسارح والموسيقا، ما أكسبني خبرة التعامل بشكل أكبر مع الطفل..
حالياً، أعمل كمدرب تمثيل في مشروع “بكرا إلنا” الذي يهتم بدعم المواهب، ولقد استطاع هذا المشروع أن يقدم خلال فترة زمنية قصيرة، العديد من المواهب. سواء في مجال التمثيل أم الاختصاصات الأخرى التي منها الإعلام والرقص والموسيقا والرسم والرياضة، وقد قامت الجمعية بالعديد من الفعاليات الثقافية، وفي جميع المجاﻻت، وكان لها حضور في المجال الثقافي بحق.
أما بالنسبة لذوي الاحتياجات الخاصة، فالعمل معهم هو السهل الممتنع، ويحتاج إلى صبر ونفس طويل لكي نستطيع الوصول إلى قلوبهم، والهدف الأساسي للتعامل معهم، زرع المحبة والثقة في داخلهم لكي نستطيع أن نقدم لهم كل ما يحتاجونه من خلال التدريبات، وسواء في المسرح أو الدعم والتناسق النفسي الحركي، وأعتقد بأن هذا الاختصاص غير موجود في كل الجمعيات، وأنا أسعى جاهداً للعمل معهم وتدريبهم، وهدفي إظهارهم بصورة جيدة غير الصورة المأخوذة عنهم، فهم قادرون على التفاعل مع المجتمع ومع الناس، وعلى تقديم أنفسهم بشكل جيد، لأن لديهم طاقة وقدرة كبيرة يجب أن تظهر.
هم بحاجة إلى اهتمام ودعم، ومؤخراً قمت بأول عمل خاص لهم، وهو الأول من نوعه على مستوى سورية، وأعتقد على مستوى الوطن العربي، والعمل هو عرض أزياء لأطفال متلازمة داون، وكان الحفل من تدريبي وإخراجي ومشاركة جمعيات تهتم بذوي الاحتياجات الخاصة (جمعية الرخاء وبيت السلام والسفينة).
لقد أخذ هذا الحفل صدى كبيراً، ونال تغطية إعلامية محلية وعربية، وكتبت بعض المواقع الأجنبية عن هذه التجربة الاولى من نوعها، وكان لها أثر جيد، وسيتم التحضير هذا العام للموسم الثاني من هذا العرض، وبمشاركة فعاليات كبيرة ومهمة، وأيضاً جمعيات تعنى بشؤون ذوي الاحتياجات الخاصة، ليشمل العرض أكبر عدد من الأطفال.
مهمة الفنان بشكل عام، لا تقتصر على عمله الفني ومشاركاته الفنية، بل يجب عليه أيضاً، التركيز على الجانب الإنساني، والعمل على التحفيز والتوجه إلى المجال الثقافي الذي يترك أثراً متميزاً في دعم الطفل وشخصيته وموهبته بالشكل البناء، مع الاهتمام بذوي الاحتياجات الخاصة لأنهم جزء مهم من المجتمع، ويجب عدم تهميشهم، ومن مسؤوليات الفنان العمل في هذا الاتجاه، فهو سفير وقدوة للكثيرين ممن يتمثلون به.
نعم، يجب أن يكون الفنان قدوة بأعماله الإنسانية، وأن يعمل عليها من منظور ثقافي أيضاً.