ثورة أون لاين-هفاف ميهوب:
“كيف أتصور العالم؟.. كيف أقبله وأعترف به؟.. كيف أجعله مسكناً للراحة والطمأنينة والغبطة، وكيف أهيّئه ليكون ملكوتاً للحياة الأرضية؟.. كيف أتفاعل معه ليكون مصيري ومصيره واحداً، وكيف أسمو به لأتروحن وأكون الأداة الفاعلة لإعادة المادة إلى طاقتها الجوهرية؟”.
أسئلة، ما أكثر ما طرحها الباحث والمفكر “ندرة اليازجي” في الكثير من كتبه ودراساته، وفي العديد من المحاضرات التي ألقاها وحمّلها نور فكره وفلسفته.
فلسفته في الحياة والإنسان والوجود الأسمى، وفي الوحدة القائمة بينهم بعيداً عن الانفعالات والمعتقدات والتفكير المتعصب الأعمى.
تأمل في الشخصية الإنسانية المتكاملة، وفي جوهر الروح والنفس البشرية المُطمَئنة والآمنة.. في الكون الذي سعى وبعد أن تعمق في معرفته، للإشارة إلى أهمية أن يرتقي الإنسان فيه، عبر وعيه ومحبته.
هكذا تمكن من معرفة العالم الذي جعله موضع تجربة تَصوَّره بعدها، متصلاً مع عوالم أخرى، رأى عبر اتصاله اللانهائي بها:
“إن اتصالي بالعوالم الأخرى، يتم عبر الأرض، ويتحقق بمقدار ما أطبق من مبادئ كونية في عالم التجربة الأرضي، ولا شك أن كثافة هذا العالم، لا تحول دون اتصاله بطاقة العوالم الأخرى، فهو الفيض الأخير، أو الانبثاق النهائي، وقد اتصف هذا الفيض بالكثافة التي ندعوها المادة مقابل الروح، والظلمة مقابل النور، والحقّ يقال إن عالمنا هو فعلاً، شعاعٌ ونورٌ وطاقة هي روح ظليلة، ويعد هذا العالم الموضع الذي أحقق فيه اختباري لمعرفة الحقيقة. النور في الظلام، والروح في المادة، والوحدة في الكثرة، والاتصالية في الانفصالية”..
هذا ما تصوره اليازجي فأحبه.. العالم الذي جال فيه فاكتشف عمقه.. تفاعل معه كي يسمو ويتحد به كيانه.. أحب الأبدية والحقيقة السامية، فسعى إليها باحثاً ورائياً لما عبرَ عنه بأقواله:
“وأنا أتأمل هذا العالم، أجد فهمه وخلاصه في فهم نفسي وخلاصها، وأعمل على تلقيح العالم بالحكمة.. عندئذ، لا يسيطر الإنسان على العالم، ولايفجره بعقله المشدود إلى الدماغ، بل يفهمه ويعيه، ويدرك أنه وإياه نسيج واحد من التفاعل الروحي.
عندما يدرك الإنسان هذه الحقيقة، يعلم أن العالم الأرضي مكان يستحق الحياة ويمتلئ بالمعنى والوعي، ويتآلف بالمحبة والنور الكوني”..