الملحق الثقافي: عقبة زيدان:
في هذه الأيام التي تضرب فيها الجائحة كرتنا الأرضية، يخرج كثير من ممثلي العالم ومغنيه المعروفين، الذين يسيطرون على الشاشات، ليعطونا دروساً تعليمية وتربوية عن كيفية التصرف أثناء الحجر المنزلي، وعلائم الفرح على وجوههم، وكأن لا شيء يحدث.
من بيوتهم الفخيمة، يتبجحون بكلمات تعبر عن جهلهم بالحياة وبمشاكل ناسها. والمعضلة أنهم يظنون أنفسهم مرشدين للناس، فيما هم مجرد أدوات تستخدمها وسائل الإعلام لأهداف ترويجية.
لماذا لا يبقى هؤلاء الجهلة بعيدين عن الأضواء، ولا يتدخلوا في ما لا يعنيهم؟
في الجهة الأخرى، يجلس الأدباء والفنانون الحقيقيون، وينهمكون في محاولة فهم ما يجري حولهم، من خلال قراءة مستفيضة ودائبة، يمكن أن تفضي إلى حلول لمأزق البشرية. إضافة إلى أنهم يكتبون ما يشعرون به، ويؤسسون لمشاريع فنية راقية، تستهدف حياة الملايين الذين يدركون أن حياتهم مهددة بالفايروس.
يدرك الفنانون الحقيقيون، أن واجبهم تقديم شيء جميل يدفع الناس إلى الأمل، شيء يعيد الثقة بالإنسان ككائن يستحق العيش. وهم مقتنعون تماماً أنهم لا ينتظرون شيئاً من أحد، ولا يريدون مقابلاً لما يقومون به. إنهم يمكثون في ركن بسيط ومنعزل، ويحفر الحزن تعابيره في وجوههم، ومع هذا لا يعطوننا دروساً تربوية، ولا يتباهون بأفكارهم ولا آرائهم، التي تكون في كثير من الأحيان مفيدة وتنقذ الناس من الجهل والمرض والموت.
الفنانون الحقيقيون ليسوا صوراً على الشاشات، إنهم عقول وأرواح تعمل في الظل، وتنير العالم الذي نعيش فيه، رغم كآبتها وحزنها.
Okbazeidan@yahoo.com
التاريخ: الثلاثاء19-5-2020
رقم العدد :999