من الطبيعي أن يمر العالم ويتعرض للكثير من الأوبئة التي تفتك بالآلاف من البشر، إلى حين الوصول إلى حل لها، وبمعنى آخر التغلب عليها، عرف تاريخ البشرية الكثير منها، من الطاعون، إلى الكوليرا، وما في القائمة من أمراض، صارت من الذاكرة بغض النظر عما تركته من كوارث، وما ألحقته بالبشرية من نكبات، بقيت آثارها لآماد طويلة، اليوم يبدو العالم مشغولاً بالوباء المستجد، ولابد أنه عاجلاً أم آجلاً سيصل إلى وضع حد له، وإلى أن يكون ذلك، ثمة وباء آخر فتاك وأكثر خطورة ووحشية ورعباً، يدمر ويقتل، ولم يجد له العالم علاجاً شافياً ولا فعالاً، وباء يدافع عنه مدعو الحضارة، يمارسونه جهراً، بل ويعملون على جعله هويتهم الدائمة.
العنصرية، والتجبر، وانتهاك القيم الانسانية، وباء أميركا والغرب، المرض الاشد عبر التاريخ، والذي يفتك كل يوم بالآلاف من الضحايا، عبر مؤسسات قوننها الغرب وجعلها أدوات لتنفيذ عنجهيته، وابتكر أدوات تستخدم فيها (حصار، عقوبات، فتن إلخ..).
ناهيك بما يقوم به حتى ضمن مجتمعاته هو، الولايات المتحدة التي يفتك بها المرض الاجتماعي، في عالمها السفلي ومجتمعها الذي على ما يبدو صار على صفيح أكثر من ساخن، تظهر نتائجه اليوم، فما يجري ليس ردة فعل عادية على حدث عادي، بل تراكمات عبر قرون من الظلم والاضطهاد، وممارسة العنصرية، ولا يغرنّ أحد أن قانون العنصرية قد تم إلغاؤه في أميركا، لا، أبداً، نعم ألغي على الورق، لكنه ترسخ فعلاً شائناً، ليس ضد اللون الأسود، بل ضد كل من لا يمضي في الركب الاميركي .
وباء العنصرية، وصمة عار بتاريخ الغرب الذي ينافق، ويدعي ما ليس فيه، إنه أكثر الأوبئة التي يجب العمل على اجتثاثها من جذورها، وهذه مسؤولية أممية لا يمكن أن تقوم بها دولة واحدة، أو محور مقاوم وحده على الرغم من أهمية ما ينجزه، ويهيء له من تحولات كبرى وعميقة، تجعل المهمة سهلة على الأمم التي ترعى بحق القيم الانسانية، وتسعى نحو عالم خال من الهيمنة الاميركية وعنصريتها.
البقعة الساخنة- بقلم: أمين التحرير ديب علي حسن