ثورة أون لاين -هفاف ميهوب:
نقول ذلك، لأننا من يعرف جيداً، كذب ونفاق أميركا في ادِّعاءاتها بأنها بلد الحرية والعدالة والديمقراطية، ولأن على العالم أجمع أن يرى ما لا يريد أن يراه، من عنصريتها التي انتهكت بها كلِّ الأخلاق والمعايير الإنسانية.
أيضاً، لأن تاريخها الملطخ بكلِّ مالا يمكن أن يصفه الكلام، سيبقى شاهداً توثقه معاناة شعوب كانت وستبقى تنظر لها، كرمزٍ للعنف والشرِّ والإجرام.
نعم، هذا ما كان ولايزال منها، وما سيجعل الشعوب التي عانت من ويلاتها تلعنها، فللأسف يا “مارتن لوثر” يا الزعيم التاريخي للسودِ الأمريكيين.. يا المناضل الذي اغتالتك مناصرتك ودعوتك للمسحوقين المستعبَدين:
“ليس هنالك شيء اسمه نضال لأجلِ حقٍّ صغير، أو ظرفي أو مؤقت، بل هنالك النضال الدائم لأجل الإنسان”.
للأسف، هي دعوة لا تجدي في دولة الشر والظلم، ولا تحقق ما أردته في خطابك “لدي حلم”.. دعوتك لم تؤثر بها، وأحلامك زادت من سوادِ حقدها.. لم تؤثر بدولةٍ تأسّست على إراقة الدماء والاستعباد والعنصرية، بل استفزّت قوّادها ممن قادهم جنون الهيمنة إلى الاقترافات الموغلة في الوحشية.
للأسف يا “لوثر” لن يتعايش البيض والسود بمساواةٍ وتجانسٍ كما أراد حلمك، ولن يتمكن أبناء العبيد السابقين، من الجلوس مع أبناء أسياد العبيد السابقين، على منضدة الإخاء، فقد خاب أملك..
لن يعيش أطفالك بين أمة لا يحكم فيها على الفرد من لون بشرته، وإنما من أفعاله وشخصيته..
لن يحصل كلّ هذا وسواه مما حلمت به في خطابك التاريخي، فلا زالت العنصرية الأمريكية، وبعد مرور أكثر من نصف قرن من صرختك الإنسانية. لازالت تعتبر الأسود معاقاً وأحمق، وتسعى إلى عزله ونبذه، إن رفع رأسه أو صوته.
تفعل ذلك في الوقت الذي صعّدت فيه من حروبها واعتداءاتها، وسواء على الشعوب التي استسهلت واستعذبت اضطهادها، أو حتى على من أرّقتها بحضارتها وثبات مواقفها وصمودها.
للأسف.. لديك حلم. لكن الأحلام الجميلة لا تتحقق إن كان من يحرسها، عيون كتلك التي قلت عنها:
“عيون متعصبة، عمياء، وحاكمها تتقاطر من شفتيه كلمات الأمر والنهي”.