ليست معضلة, ولا هي بالأمر الذي لايمكن تحقيقه, وفك شفراته, لن يكون الحال الاجتماعي متقدماً ومتطوراً, مادامت القراءة في أسفل قائمة الاهتمامات لدينا, بكل صراحة نقول: لدينا ركام من الشهادات الجامعية, والدكتوراة, وغيرها الكثير, لدينا أكثر من الفائض, بل وزعنا إلى العالم كله شهادات, وأدت الكثير من دورها الحقيقي والفاعل, ولكن هل الشهادة وحدها مقياس الوعي الاجتماعي والثقافي والفكري ؟
بالتأكيد: لا, ليست مقياساً, وإن كانت مهمة جدا كجواز مرور يقول إننا قادرون على القراءة والتفكير والمتابعة, إذا ما أردنا ذلك, بمعنى آخر مختلف, هي مفتاح للعمل الحقيقي الذي يثريها, لا أن تتخذ مكاناً ما, وتتكلس عليه دون تطوير مهاراتك الفكرية والثقافية والمعرفية.
مفتاح هذا كله القراءة, بغض النظر عما كان نوعها, في كتاب ورقي, أو الكتروني, أو من العالم الافتراضي بكل ما فيه من مشتقات تقنية, المهم أن تبدأ القراءة والتواصل, لتتسع مداركك, حيواتك, القراءة تعطيك ألف معنى جديدا, تحلق بك إلى حيث لا أحد يتوقع, ولكن الاهم أن نعي ما نقرأ وكيف ولماذا, ولاقيمة لأي قراءة تشدنا إلى اليباس والتحنط والموت, أي كتاب تخرج من قراءته كما كنت, ليس بذي فائدة.
من هنا علينا ان نعي أن الكتاب المهم والجيد, ضروري كما الماء والهواء, المطبوعات أي مطبوعات, هكذا, صحيفة, مجلة, سمها ما شئت, لابد من الحبر والورق, وكم نحن نسيء لأنفسنا ولأطفالنا عندما نطلق أحكاما قاسية بحق المطبوعات التي تصدر, كيف يمكن لنا أن نقول أمام طفل: حكي جرائد, هذه لمسح الزجاج, ومافائدة القراءة والكتابة؟
أي روح انهزامية تلك, لاشيء فوق النقد, ولكن ليس هكذا أبدا, كم هو مؤلم حد الفجيعة, أن ترى الأحذية تعرض كما لو أنها تحف فنية, والكتب تلقى على قارعة الرصيف, لا, بل تطاردها أكثر من جهة, وهي الحلقة الأضعف, كم مؤلم ألا ترى نوافذ لبيع الصحف والمجلات في الشوارع الرئيسة, ألاّ يصدر خلال شهرين كتاب أو مجلة, أو جريدة, وفي العالم الذي فتك به الوباء لم يتوقف عن الاصدار.
نريد كتبا, نريد مطبوعات, نريد صحفا, نريد فضاء أزرق, نريد بناء المعرفة من خلال الوسائل السابقة كلها, أعيدوا للقراءة بهجتها, للكتاب دوره, سواء ورقياً أم إلكترونياً, أخرجونا من شرنقة الشهادات على أهميتها, أخرجونا من عبثية وسحر الألقاب الزائفة, ببساطة: نريد كتبا, نريدها مدعومة كما الخبز والماء.
معاً على الطريق-بقلم أمين التحرير-ديب علي حسن