من لينكولن إلى ترامب

يجسد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بسياسته العنصرية تجاه أصحاب البشرة السمراء من مواطني بلده، الأسس التي قامت عليها الولايات المتحدة الاميركية، والتي قامت على جثث أصحاب الأرض الأصليين “الهنود الحمر”، الى استغلال الأفارقة لاحقاً، عندما بدؤوا بالهجرة الى أميركا عام 1619 بسبب الفقر والحاجة، أو لاحقاً عبر تجارة الرق ليتحولوا أداة عمل رخيصة قليلة المتطلبات وبلا أجر لدى مؤسسي أميركا، وروادها الاوائل، وهم في واقع الأمر ليسوا سوى تجاراً وأرباب عمل هاجروا من أوروبا، وأسسوا هناك مستعمرات، وليتأسس من حينها مبدأ التمييز العنصري، الذي على ما يبدو مازال راسخاً في عقيدة وممارسات أحفادهم حتى يومنا هذا، رغم إلغائه على الورق على ما يبدو.

مات مارتن لوثر كينغ وهو يردد «عندي حلم أنه فى يوم ما كل وطاء سيرتفع وكل جبل سينخفض ويصير المعوج مستقيماً»، هكذا كان حلم كينغ أن يرى أبناء جلدته السمر مواطنين أصلاء في حقوقهم، وليسوا أتباعاً أو درجة ثانية، في مجتمع يتشدق بمناصرته للديمقراطية والحريات، إلا أن النازيين الجدد يتجذرون أيضاً كل يوم أكثر من الآخر، لنرى ذات الصورة العنصرية في أميركا والاراضي الفلسطينية المحتلة، ولتتشابه الصورة بين الإدارات الأميركية المتعاقبة، وحكام الكيان الصهيوني، في سياساتهم تجاه أصحاب الأرض الحقيقيين، ليكونا وجهين لعملة واحدة.

في الواقع إن القضية ليست بين الشرطي القاتل ديريك تشوفين وضحيته جورج فلويد، القضية هي “ركبة” ذاك الأبيض والتي ليست إلا انعكاساً لعدم اكتمال فكرة إزالة العوائق الداخلية لسياسة العبودية في الوسط الأميركي الأبيض، وما آخر كلمات فلويد التي قالها قبل وفاته: “لا أستطيع التنفس” إلا توصيف لواقع أصحاب البشرة السمراء، من جراء سياسات الإدارات الأميركية المتعاقبة على الحكم، كيف تنتهي معاناة ذاك “الأسمر”، ويقتنع جلاده الأميركي “الأبيض” بفكرة المساواة، وإلغاء العبودية ومن أقرها في كانون الثاني من عام 1863 (الرئيس أبراهام لينكولن) لم يكن كامل الاقتناع بما وقعت يداه رغم معارضته للعبودية، فهو من صرح حول موضوع الحقوق المدنية والسياسيّة للسود «أنا لست ولم أكن في أي وقت مضى مؤيداً لجعل الناخبين أو المحلفين من السود ولا للسّماح لهم بإشغال أي منصب ولا لأن يتزوجوا من البيض، فأنا أؤيد الموقف المتفوق للعرق الأبيض».

في المجمل فإن القصة قصة، تربية، وعقيدة، وعليه فإن التاريخ في الولايات المتحدة الأميركية ما زال هناك في القرن السابع عشر، فالحضارة والزمن يقاسان بالتقدم الفكري والإنساني، لا بتطوير آلات الحرب والقتل وبعقول حاقدة على الآخر.

 

حدث وتعليق – منذر عيد

moon.eid70@gmail.com

آخر الأخبار
توزيع ألبسة شتوية على مهجري السويداء في جمرين وغصم بدرعا   زيارة مفاجئة واعتذار وزير الصحة..  هل يعيدان رسم مستقبل القطاع؟   5 آلاف سلة غذائية وزّعها "الهلال  الأحمر" في القنيطرة آليات لتسهيل حركة السياحة بين الأردن وسوريا دمج الضباط المنشقين.. كيف تترجم الحكومة خطاب المصالحة إلى سياسات فعلية؟  قمة المناخ بين رمزية الفرات والأمازون.. ريف دمشق من تطوير البنية الصحية إلى تأهيل المدارس   زيارة الرئيس الشرع إلى واشنطن.. تفتح آفاقاً جديدة للتعاون الاقتصادي     تحسن ملحوظ في سوق قطع غيار السيارات بعد التحرير  "إكثار البذار " : تأمين بذار قمح عالي الجودة استعداداً للموسم الزراعي  دمشق تعلن انطلاق "العصر السوري الجديد"   من رماد الحرب إلى الأمل الأخضر.. سوريا تعود إلى العالم من بوابة المناخ   الطفل العنيد.. كيف نواجه تحدياته ونخففها؟   الجمال.. من الذوق الطبيعي إلى الهوس الاصطناعي   "الطباخ الصغير" .. لتعزيز جودة الوقت مع الأطفال   المغتربون السوريون يسجلون نجاحات في ألمانيا   تامر غزال.. أول سوري يترشح لبرلمان آوغسبورغ لاند محاور لإصلاح التعليم الطبي السوري محافظ حلب يبحث مع وفد ألماني دعم مشاريع التعافي المبكر والتنمية ابن مدينة حلب مرشحاً عن حزب الخضر الألماني خاص لـ "الثورة": السوري تامر غزال يكتب التاريخ في بافاريا.. "أنا الحلبي وابنكم في المغترب"