ثورة أون لاين– أدمون الشدايدة:
لطالما شكل مفهوم العنصرية اكبر تحد يعصف بالمجتمعات الغربية حيث يشكل عنوانا رئيسيا لمفهوم العلاقات البينية نتيجة تراكمات التطرف العنصري المعمول به بين السلطات وطبقات المجتمع، على عكس ما تجاهر به الدول الأوروبية وتزعمه عن مفاهيم الحرية والإنسانية.
فرنسا التي لا تتوقف عن ادعاءاتها الزائفة لجهة الديمقراطية وحقوق الإنسان وحريات التعبير، وغيرها من الشعارات الرنانة، يظهر خطابها العنصري بكل وضوح في الكثير من الأحداث التي من خلالها ينفث سمومه أينما حل، وأساليب القمع الوحشية التي تعرضت لها الاحتجاجات الشعبية العارمة والتي قادتها حركة “السترات الصفراء” في وقت سابق ضد سوء الإدارة والأوضاع المعيشية والصحية والقوانين المجحفة بحق العمال وغيرها من المطالب المشروعة، تشير إلى النهج العنصري الذي يحكم السلطة في هذا البلد.
وتأتي المنشورات والتعليقات العنصرية للآلاف من رجال الشرطة الفرنسية التي تم نشرها على صفحة فيسبوك وأثارت موجة استياء شعبية كبيرة لدى الشارع الفرنسي، لتبرهن على مدى العقلية المتسلطة التي تتصف بها أجهزة الأمن الفرنسية، رغم محاولات تلميع الصورة التي قام بها وزير الداخلية كريستوف كاستنير بطلب فتح تحقيق بهذا الخصوص.
وبحسب موقع ستريت بريس الإخباري الفرنسي فإن الصفحة التي يجري التحقيق في محتواها تضم ثمانية آلاف مشترك أغلبهم ينتمون للشرطة الفرنسية.
وعلى الرغم من أن ما ينشر في الصفحة ليس متاحا إلا للأعضاء إلا أن الموقع تمكن من الحصول على محتوى هذه الصفحة التي نشرت فيها مئات الرسائل والتعليقات ذات الطابع العنصري.
من الملاحظ أن هناك موجة من العداء المتزايد تجاه الأقليات، حيث أكدت استطلاعات للرأي أجريت عدة مرات أن أكثر من 40% من الأقليات العرقية في فرنسا هم ضحايا لسلوك عنصري.
فالعنصرية الجديدة تغذي الآن مفردات و أنماط الحياة الفرنسية، وتصنف “القيم المجتمعية” الناس من خلال منحهم خطأ أو صوابا تسميات ثقافية معينة تعتبر غير قابلة للتغيير، ترتكز بالأساس على أحكام مسبقة تشكك في كل تقارب أو اختلاط.
وكانت شوارع باريس ومدن أخرى قد شهدت تجمعات لآلاف المتظاهرين وآخرها تجمعات ضخمة بمحيط السفارة الأمريكية في باريس تنديدا بعنف الشرطة والعنصرية في العالم بالرغم من قيام شرطة باريس بحظر المظاهرات أمام السفارة وفى الحدائق القريبة من برج ايفل.
وكانت القوات الأمنية الفرنسية استخدمت الغاز المسيل للدموع ضد مشاركين في مظاهرة منددة بالعنصرية وعنف الشرطة الأمريكية يوم الأربعاء الماضي.