ثورة أون لاين-ناصر منذر:
يقف السوريون اليوم صفاً واحداً لمواجهة الحصار الاقتصادي الظالم، والذي توَّجته إدارة الإرهاب الأميركية بإجراء يفوق بعدوانيته أي تصور تحت مسمى “قانون قيصر”، الذي تريد من ورائه الولايات المتحدة وأتباعها في الغرب المتصهين منع سورية من الاستثمار في انتصارها على الإرهاب، وما يعنيه ذلك أيضاً من انتصار سياسي واقتصادي، وفي مجال إعادة الإعمار، وبالتالي الحيلولة دون استرداد عافيتها كاملة، وما يشكله ذلك من تثبيت حضورها ودورها الفاعل على الساحة الإقليمية والدولية، وبما يسهم بتغيير موازين القوة في المنطقة.
الجانب الأكثر خطورة في هذه العقوبات الجائرة أنها تستهدف تجويع السوريين بمنع الغذاء والدواء من الوصول إليهم، وهذا يعتبر بمفهوم القانون الدولي نوعاً من الإبادة الجماعية، وجريمة حرب ضد الإنسانية، وهذا تجسيد حي للغطرسة الأميركية، ويعكس عقلية الإجرام المستحكمة بكل الرؤساء والإدارات المتعاقبة في الولايات المتحدة، وهذه الجريمة تستوجب محاكمة جنائية دولية تقع على عاتق المجتمع الدولي بكل هيئاته ومنظماته، وعدم تحرك منظمة الأمم المتحدة النائمة حتى الآن يضع مجلس الأمن الدولي، وكافة المنظمات الإنسانية ومجلس حقوق الإنسان أمام مسؤولياتهم الأخلاقية قبل القانونية، ويلزمهم بالخروج لو مرة واحدة عن قاعدة التبعية والخضوع للهيمنة الأميركية والغربية التي تسير عمل تلك المنظمات.
أميركا اللاهثة وراء إضعاف سورية واستنزاف كل قدراتها، ترى في استعادة سورية لقوتها وكامل عافيتها تهديد حقيقي لكل مشاريعها الاستعمارية، والعقوبات العدائية سعرتها واشنطن في هذه المرحلة لوقف دوران عجلة إعادة الإعمار التي بدأت بالتسارع التدريجي بعد الانتصارات التي حققها الجيش العربي السوري في الميدان، لما لهذا الجانب من ارتباط وثيق مع إعادة بناء الاقتصاد الوطني على أسس متينة، وبالتالي عودة سورية إلى الاكتفاء الذاتي الذي يجنبها الكثير من مفاعيل وآثار الحصار الجائر المفروض عليها منذ سنوات، واستهداف هذه العملية بالإجراء العدواني “قيصر” يصب أيضاً في خانة تجويع السوريين عبر قطع كل مواردهم الاقتصادية، وهذا يبرهن مجدداً على مدى استهتار أميركا بكل المواثيق والأعراف الدولية.
أميركا تعبر اليوم عن مستوى انحدارها الأخلاقي والإنساني غير المسبوق في تاريخ البشرية، تعاقب السوريين على صمودهم، تسرق نفطهم وتحرق قمحهم، تحتل جزءاً من أرضهم، تعرقل قدرتهم على الحياة، تمارس بحقهم شتى أساليب الإرهاب النفسي والصحي، تحاول خلخلة بنيتهم الاجتماعية عبر نشر الأكاذيب والأضاليل، وتستثمر في المعاناة التي تخلفها لهم لتحقيق أطماعها الاستعمارية، ولكنها لن تستطيع بكل غطرستها وجبروتها أن تفرض مشيئتها، أو تنال من إرادة وعزيمة السوريين وتصميمهم على مواجهة تلك العربدة، فهم أصحاب حق، وقوتهم في تماسكهم والتفافهم حول قيادتهم وجيشهم البطل، وكما هزموا مرتزقتها في الميدان، فهم قادرون على إفشال كل محاولاتها العدوانية لاستهداف بلدهم، واقتصادهم الوطني.