أميركا المتغطرسة تزداد في عهد العنصري ترامب توحشاً.. داخلياً وخارجياً، تريد فرض نظام عالمي جديد وفق قوانينها الخارجة عن كل حدود العقل والمنطق البشري، تريد لحفنة من الأنظمة والحكومات والكيانات الخاضعة لها أن تكون نموذجاً يحتذى في الامتثال لقوانينها، أما الدول الرافضة لسياساتها، والمتمسكة بسيادتها وقرارها وخيارها، فهي خارجة عن مدار فلك نظامها اللا شرعي، ويجب محاربتها بكل الوسائل والسبل اللا إنسانية واللا أخلاقية، لا تريد أن تستوعب بأن هذا الكم الكبير من الأزمات الدولية التي افتعلتها، والحروب والكوارث التي خلفتها في طول الأرض وعرضها، ستشكل تداعياتها ومفرزاتها بداية لانهيار نظامها الإرهابي، وانهيار كيانها المتسلط، خاصة أن صورتها المهتزة تحترق اليوم بنيران عنصريتها البغضاء.
العالم المكتوي بنار العنجهية الأميركية يشاهد اليوم كيف يتشظى المجتمع الأميركي من الداخل، وكيف تدوس إدارة ترامب على القيم الإنسانية وشعارات “الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان” بسحقها لمواطنيها من الملونين السود، والكثيرون يترقبون حرباً أهلية قادمة بشر بنذرها جون بايدن مرشح الحزب الديمقراطي للانتخابات الرئاسية القادمة، فالرجل حذر من سرقة ترامب لتلك الانتخابات، وتوعد باستخدام الجيش لطرده من البيت الأبيض بحال خسارته وعدم انصياعه لنتائج الانتخابات، وترامب الذي يذكي نار العنصرية بصفوف مؤيديه مما يسمون بـ”القوميين البيض” يحضر من الآن لتزوير تلك النتائج من بوابة الاقتراع البريدي، وسبق له أن هدد سابقا بإشعال مثل هذه الحرب الأهلية، وأيضا يتهم “الديمقراطيين” بالسعي لنزع أسلحته منه، ويقصد شرطته العنصرية التي يعزز قدراتها لأجل أن تحميه من مواطنيه، أما “البنتاغون” فتجتاح أركانه حالة من الانقسام بين مؤيد لترامب ومعارض له، وكلها مؤشرات توحي بإمكانية حدوث مثل هذا السيناريو.
أميركا المتنمرة تلصق الكثير من التهم الباطلة بالدول المناهضة لسياساتها والتي تحارب إرهابها المنظم والممنهج، فتشن ضدها الحروب، وتفرض بحقها تلالاً من العقوبات العدائية الجائرة، وتجبر الدول السائرة بركب نظامها العنصري الامتثال لأحكامها الخاصة، فيما تمعن هي بارتكاب جرائمها بحق مواطنيها، وشعوب الدول الأخرى، وتعمد للتغطية على جرائم الحرب التي يرتكبها جنودها الغزاة في الخارج، لأن إرهابهم مشرعن وفق قوانينها العنصرية، ولا يخضعون لأي مساءلة حتى لو كانت صورية، ومن جهة دولية خاضعة بالمطلق لسياستها التمييزية كالمحكمة الجنائية الدولية، حتى أن كل المنظمات والهيئات التابعة شكلاً للأمم المتحدة تصبح عرضة للاستهداف عندما يتجرأ أحد القائمين عليها لمجرد الإشارة للجرائم الأميركية والصهيونية بحق الإنسانية.
إدارة ترامب تجر العالم نحو المزيد من الحروب لتكريس الهيمنة الأميركية الآخذة بالتهالك، ولا تأخذ بحسبانها أن شعوب هذا العالم قد ضاقت ذرعاً بتصرفاتها وسلوكياتها الإرهابية، وربما يحين الوقت قريباً للتكاتف بوجه تلك السياسات الهوجاء، لا سيما أن تصرفاتها العدائية تلك هي امتداد لتراكمات طويلة بدأت مع أول الرؤساء الأميركيين ولا تزال، ولكن العنصري ترامب أوصلها إلى هذا الحد من الغطرسة المفرطة، فهو يتفاخر ويتباهى بعنصريته، وبخروجه عن كل القيم والمعايير الإنسانية والأخلاقية، ودفع المجتمع الدولي لسحب كل الثقة بالسياسة الأميركية التي لفظت من قاموسها كل ما له علاقة بمنظمات ومؤسسات وهيئات دولية، وقوضت كل الاتفاقات والمعاهدات الدولية التي من شأنها الحفاظ على الأمن والسلم العالمي، وزادت من حدة فوضاها الهدامة في العالم، وتحارب الشعوب بلقمة عيشها، ولو استطاعت قطع الهواء عنها لفعلت، ولكنها تحصد اليوم ما زرعته من أحقاد وكراهية، وشعوب العالم كلها بدأت تقول: نريد أن نتنفس.
نبض الحدث- بقلم أمين التحرير- ناصر منذر