يتضح من إيقاع مجريات السوق من حين لآخر أن من أكثر الأسباب التي تؤدي إلى تداعيات سلبية على أسعار السلع والمنتجات، هي لجوء بعض الموردين والتجار إلى احتكار السلع والبضائع، ووقف توريداتهم إلى الأسواق المحلية، الأمر الذي يؤدي مباشرة إلى ارتفاع السعر وعدم استقراره عند مستوى محدد، إلى جانب اختلاف سعر المبيع للمستهلك من بائع مفرق إلى آخر..
والشواهد كثيرة على حالات الاحتكار التي نالت من عدة سلع أساسية وخاصة الغذائية منها، ومؤخراً شهدت سوق الأدوية أيضاً زوبعة من هذا النوع أدت إلى اختفاء عدة أصناف من الأدوية من الصيدليات وارتفاعات كبيرة بالأسعار لعدة أضعاف.
وعلى العموم فإن الاحتكار هو من أكثر الآفات التي تشهدها الحركة التجارية في الأسواق، وتؤثر سلباً على المستهلكين، وتحديداً على محدودي الدخل وما يماثلهم من شرائح اجتماعية تكسب عيشها من العمل يوماً بيوم، وكذلك فإن باعة المفرق لا يسلمون من تلك الآثار السلبية لجهة اضطرارهم لضخ رأس مال أكبر لنفس الكميات التي كانوا يستجرونها قبل الاحتكار، مع ملاحظة بقاء نسبة هامش الربح واحدة، ما يعني تراجعاً في العائد الاقتصادي لرأس المال العامل..
وعليه فإن سعي البعض لمراكمة ثروات وأرباح من خلال الاحتكار فيه من الضرر بما لا يمكن قياسه بحجم ما يمكن أن يحققه هؤلاء المحتكرون لأنفسهم، وهو ما تم التنبه إليه خلال السنوات الماضية، وعلى أساس ذلك تم إحداث هيئة المنافسة ومنع الاحتكار لمتابعة ما يحدث في السوق من هذه الحالات..
لكن السؤال الذي بقي ينتظر تفسيراً هو: لماذا تم تجميد دور هيئة المنافسة ومنع الاحتكار وتحويلها إلى مكتب متابعة في رئاسة الحكومة، في وقت نمت فيه الاحتكارات بشكل واضح، وبدأت تؤثر بوضوح على حركة المبيع والأسعار، وترهق من خلال هذه الممارسات الشريحة الأوسع من المستهلكين؟؟..
حديث الناس- محمود ديبو