“قيصر” دخل حيز التنفيذ، ودخلت معه إدارة الإرهاب الأميركية مرحلة جديدة من العنصرية السياسية، هي ليست غريبة عنها بالطبع، وإنما تضيف إلى سجلها الإجرامي وجها آخر للإرهاب الذي ارتكبت من خلاله ولم تزل أفظع الجرائم والمجازر الوحشية بحق السوريين، ومن المفارقات الهزلية التي تبتكرها واشنطن لتضليل الرأي العام العالمي، والتذاكي على عقول الشعوب هو إعلانها “الالتزام بضمان وصول الدعم الإنساني الدولي للمدنيين من خلال التنسيق الوثيق بين الشركاء الدوليين” وفق بيان سفارة الإرهاب الأميركي على صفحتها الرسمية في موقع فيس بوك، وبنفس الوقت تعبر عن قلقها من تدهور الوضع المعيشي للمواطن السوري، حسب ما تشدقت به مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة كيلي كرافت خلال جلسة مجلس الأمن، فأي مدنيين تقصد، وأي شركاء؟ وعن أي قلق تتحدث وهي تشهر خنجر عقوباتها المسموم بوجه المواطن السوري؟
طوال سنوات الحرب الماضية لم تقطع الولايات المتحدة دعمها عن الإرهابيين بمختلف أشكالهم وتسمياتهم، سواء بالمال أم بالسلاح والعتاد، أم بالغذاء والدواء، هي تعتبرهم “مدنيين” ومن فصيلة “المعارضة المعتدلة”، وهم من تقصدهم في بيانها، أما الشعب السوري الذي يواجه أولئك الإرهابيين، ويقف صفاً واحداً إلى جانب جيشه البطل بمحاربته الإرهاب الوهابي التكفيري، فهو المستهدف بالعقوبات الجماعية، في حين أن الشركاء الدوليين الذين يساندون أميركا بدعمها للإرهابيين هم أركان منظومة العدوان قاطبة، من دول الغرب الاستعماري، ونظام المجرم أردوغان، وكيانات مستعربة رهنت قرارها للكيان الصهيوني، وهذا بالفعل يضمن استمرار وصول الدعم لأولئك الإرهابيين المستهدفين بالرعاية الأميركية، وكذلك كيف لأي عاقل أن يتقبل كذبة القلق الأميركي على الوضع المعيشي للمواطن السوري، وقوات الاحتلال الأميركي تسرق نفطه وقمحه، وتحرق محاصيله الزراعية، وإدارة ترامب تقطع عنه الغذاء والدواء وكل مستلزماته الحياتية بفعل إجرائها العدواني “قيصر”، أليس هذا ضرباً من الجنون والنفاق؟.
ثمة الكثير من الأهداف السياسية التي تسعى واشنطن لانتزاعها بسلاح “قيصر” الإرهابي، وهي أعجز من أن تحققها، ولكن ثمة هدفاً عسكرياً أيضاً أقرت به مندوبة الإرهاب الأميركي كرافت هو حماية إرهابيي “النصرة” في إدلب من ضربات الجيش العربي السوري، وأعلنت بكل وقاحة أمام مجلس الأمن بما معناه أن تلك العقوبات رد على انتصارات الجيش في الميدان، وهذا يشكل في الوقت نفسه اعترافاً أميركياً واضحاً بانتصار سورية بحربها ضد الإرهاب، وأن “قيصر” هو فقط لمنعها من الاستثمار بهذا الانتصار سياسياً واقتصادياً، ومنع حلفائها من المشاركة بعملية إعادة الإعمار التي استبعدت منها سورية كل دولة شاركت وساهمت بالحرب الإرهابية ضدها.
“قيصر” هو آخر أسلحة الإرهاب الأميركية، وسرعان ما ستجد واشنطن نفسها أمام هزيمة جديدة، ولاسيما أنه امتداد لسلسلة طويلة من العقوبات الجائرة سبق أن قهرها السوريون بصمودهم وتلاحمهم، والإرادة التي دحرت الإرهاب وانتصرت على أعتى قوى غاشمة، قادرة على التصدي للإرهاب الاقتصادي الأميركي والأوروبي، وإلحاق هزائم أخرى بكل المخططات والمشاريع العدوانية التي تستهدف النيل من سورية وشعبها.
البقعة الساخنة- بقلم أمين التحرير ناصر منذر