قسطنطين زريق… المفكر القومي العربي في زمن الحلم

 

الملحق الثقافي:سلام الفاضل :

ولد قسطنطين زريق في دمشق عام 1909، وتلقى تعليمه الابتدائي والثانوي في مدارسها في محلة القيمرية، ثم التحق بالجامعة الأمريكية عام 1924 حيث أمضى فيها أربع سنوات، وحصل منها في عام 1928 على بكالوريوس في الآداب، ثم سافر بعد ذلك لينال درجة الماجستير من جامعة شيكاغو الأمريكية، ثم الدكتوراه عام 1930 من جامعة برنستون.
عاد زريق بعد ذلك إلى الجامعة الأمريكية في بيروت وترقى في درجاتها حيث عمل أستاذاً مساعداً ثم أستاذاً في عام 1942، ثم نائباً للرئيس عام 1952، ثم رئيساً بالوكالة. كما درّس في جامعة دمشق، وجامعتي كولومبيا وجورج تاون في أمريكا كأستاذ زائر، كما عُين رئيساً للجامعة السورية لفترتين.
التحق زريق لفترة بالسلك الدبلوماسي السوري بعد الحرب العالمية الثانية، حيث خدم كمستشار ثم كوزير مفوض في المفوضية السورية في واشنطن، وكان خلال تلك الفترة عضواً مندوباً في مجلس الأمن.
وكان لزريق، فضلاً عن تدرجه في الوظائف الأكاديمية، نشاط كبير في عدد من المنظمات الثقافية الإقليمية والعالمية، وشغل مناصب هامة منها: عضوية مجمع اللغة العربية في دمشق، وعضوية فخرية في الجمعية التاريخية الأمريكية، والمجلس التنفيذي لليونسكو، والمجلس الإداري للهيئة الدولية للجامعات.
وتقديراً لإسهاماته الكبيرة في مجال البحث والتأليف، وإخلاصه للعلم والتاريخ والقومية، كرمته ندوة الأربعاء الثقافية التي تقيمها وزارة الثقافة، وضُمِّنت فعاليات هذه الندوة في كتاب صدر مؤخراً عن الهيئة العامة السورية للكتاب حمل عنوان (وقائع الندوة الثقافية “قسطنطين زريق… المفكر القومي العربي في زمن الحلم”)، إعداد وتوثيق: د. إسماعيل مروة، ونزيه الخوري.
الفكر القومي العربي
يرى د. سليم بركات في مداخلته خلال فعاليات هذه الندوة أن قسطنطين زريق يعد من أبرز دعاة القومية العربية، حيث أطلق عليه في هذا الاتجاه مجموعة من الألقاب منها: شيخ المؤرخين العرب، والمربي النموذجي، ومرشد الوحدويين، وداعية العقلانية في الفكر العربي الحديث. فزريق كان له إسهام في بناء الأرضية الفكرية والأيديولوجية التي انطلقت منها كبرى الحركات القومية على امتداد الوطن العربي في تاريخه الحديث، كما كان تأثيره بارزاً في نشأة حركة القومية العربية تحديداً، علماً أنه لم يكن سياسياً، ومع ذلك فقد اعتمد مفهوماً للقومية علماني الطابع، وتقدمي المضمون، وكان من أهم التحديات التي تواجه الحركة القومية في رأيه هي ضمان المساواة القانونية، وأن الوطن لجميع المواطنين.
منابع الفكر القومي
بينما عدّ د. حسين جمعة في مداخلته أن عناية زريق بمفهوم القومية العربية بوصفه تعبيراً عن الحياة العربية المتجددة في إطار منهج علمي علماني/ ليبرالي يبرز النزعة الحداثية، من دون إحداث قطيعة مع الماضي.
واعتبر د. جمعة أن منابع الفكر القومي العربي عند زريق يمكن النظر إليها من خلال ثلاثة مصادر، يتركز الأول منها في (البيئة والنشأة)، والثاني في (امتداد الفكر القومي التاريخي في الشخصية العربية وتجلياته في فكر زريق)، والثالث في (التفاعل المعرفي بين العرب والغرب منذ عصر النهضة). وقد أكدت هذه المنابع ما انتهى إليه الباحثون من تميز زريق بالوعي والإتقان والتفاني في البحث العلمي، وتقديم العديد من الرؤى الإشكالية، ولا سيما ما يتعلق بفكرة العروبة وعلاقتها بالتاريخ والحضارة والإسلام.
نحن والتاريخ
وتناول د. خليل سارة في مداخلته الحديث عن كتاب قسطنطين زريق (نحن والتاريخ)، وبيّن أن المؤلف في هذا الكتاب يعالج القضايا التي تواجهها الإنسانية اليوم معالجة صحيحة، حيث يجب أن تستند هذه المعالجة إلى معرفة تاريخية شاملة المدى، ومن ثم مراجعة المفاهيم الأساسية التي تقوم عليها المدنية الحديثة، ودراسة القيم بحيث إن الإنسان الذي يعيش الحاضر لا يمكنه أن يشيح بوجهه عن الماضي.
كما يرى د. سارة أن زريق يدعو العرب في كتابه هذا إلى عودة أصيلة إلى التاريخ لفهم العوامل المشتركة والأمجاد والبطولات والتقاليد التي تؤهل لزيادة الوحدة والقوة وتفادي أسباب النكبات، وخطر تحول الأخلاق والعادات والتقاليد. حيث يضع زريق مقارنة بين الشعوب المتطورة ذات الفهم المبدع للتاريخ، وبين الشعوب الغافلة والتي لديها شعور تاريخي ميت.
ومن الجدير ذكره بأن هذا الكتاب يقع في 142 صفحة من القطع الكبير، وينفرد القسم الأخير منه بإيراد مختارات من أعمال قسطنطين زريق.

التاريخ: الثلاثاء16-6-2020

رقم العدد :1002

 

 

آخر الأخبار
صندوق التنمية.. أفق جديد لبناء الإنسان والمكان "صندوق التنمية السوري"..  أمل يتجدد المجتمع المحلي في ازرع يقدم  350 مليون ليرة  لـ "أبشري حوران" صندوق التنمية يوحد المشاريع الصغيرة والكبيرة في ختام المعرض.. أجنحة توثق المشاركة وفرص عمل للشباب مدينة ألعاب الأطفال.. جو مفعم بالسعادة والرضا في المعرض في "دمشق الدولي".. منصات مجتمعية تنير التنمية وتمكن المجتمع كيف يستخدم شي جين بينغ العرض العسكري لتعزيز موقع الصين ؟ من بوابة السيطرة على البحار.. تركيا تصنّع حاملة طائرات تتجاوز "شارل ديغول" التداول المزدوج للعملة.. فرصة لإعادة الثقة أم بوابة للمضاربات؟! مواطنون من ريف دمشق: صندوق التنمية سيكون سيادياً سورياً الوزراء العرب في القاهرة: فلسطين أولاً.. واستقرار سوريا ضرورة استراتيجية عربية أهالٍ من درعا: إطلاق "صندوق التنمية السوري"  فرصة لإعادة الإعمار "صندوق التنمية السوري".. خطوة نحو الاستقرار الاقتصادي والسياسي الأمم المتحدة تؤكد أن لا حل في المنطقة إلا بقيام دولة فلسطينية "التقانة الحيوية".. من المختبر إلى الحياة في "دمشق الدولي" تقنية سورية تفضح ما لا يُرى في الغذاء والدواء انعكاس إلغاء قانون قيصر على التحولات السياسية والحقائق على الأرض في سوريا حاكم "المركزي": دعم صندوق التنمية السوري معرض دمشق الدولي.. آفاق جديدة للمصدّرين