رغم أن صداقة حميمة تجمعني بها، لكن ظروف الحياة وانشغالاتها خلق نوعا من التباعد الزمني بين لحظات التواصل معها، وقد فوجئت باتصالها ليلة الأمس لتزف لي بشرى أنها ستصوغ من بيتها عالما جديدا ليكون صالونا أدبيا يعيد ألق الزمن الجميل للثقافة والمثقفين بعد أن ابتلعتهم وسائل التواصل الاجتماعي والصفحات الزرقاء أو كادت..
كانت الأديبة كوليت خوري تتحدث بلهجة يملؤها عنفوان الشباب وضجيج الحياة المعتق، ماجعل أملا جديدا يتسسلل إلى نفسي ويعيدني إلى مقولة جان بول سارتر في دفاعه عن المثقف الحقيقي” بأنه هو الذي لايقف عند حدود الكشف عن مختلف التناقضات القائمة في المجتمع، بل يعمل على تغييرها وتوجيهها، ويعلن مسؤوليته الثقافية في مواجهة التحديات..”
اليوم ونحن نقف على أبواب استحقاق تشريعي جديد ننتظر من المثقف أن يضطلع بمسؤولياته ودوره في بث الوعي بين صفوف الشعب لانتخاب ممثليه القادرين على حمل الأمانة بصدق وإخلاص، والقادر أيضاً أن يقوم بدوره المنوط به والتفاني في تقديم كل ما من شأنه أن يسهم في تحقيق العدالة الاجتماعية ومواجهة التحديات التي ترخي بثقلها على المواطن الذي يأبى إلا أن يكون متجذراً في وطنه الذي لطالما كانت له جولات وجولات مع أعدائه وخرج منها منتصراً، ليعيد البناء من جديد.
لانريد أن نجلد النفس ونقول أن زمن الستينيات من القرن الماضي شهد حراكاً ثقافياً لامثيل له، واليوم وفي زحمة متناقضات الحياة يخفت هذا البريق، فلا وقت للوم والتقريع، بل الحاجة باتت ماسة لننادي المثقفين أن اتحدوا وأعيدوا دوركم في مواكبة المتغيرات والاضطلاع بدوركم الاجتماعي وخدمة أبناء جلدتكم وحمل المسؤولية الوطنية التي تفرضها مرحلة صعبة نعيشها بكل تحدياتها المصيرية.
وبالطبع المسؤولية لا تقتصر على المثقف في غير موقع، بل الجميع معني بشأن الوطن والوقوف إلى جانبه في محنته ومواجهة العقوبات التي يفرضها ذاك” الطاغية” بعقيدة ثابتة وإيمان كبير بأن النصر سيكون حليفنا، فشعب قارع أعتى أنواع الشرور والعدوان، هو شعب قادر أن يصوغ مستقبله بأكاليل من عزيمة وحب وغار.
فاتن أحمد دعبول – رؤية