سلاح اسمه المصطلح

 الملحق الثقافي:علم عبد اللطيف:

الآن إذا أردنا أن ندخل في الموضوع الذي يهمنا من عرض ما يتعلق بالمصطلح، فيجب أن نشير إلى أهمية استخدام المصطلح إعلامياً وسياسياً في هذا الزمن. فقد تجاوز الموضوع حاجة التكنولوجيا والصحافة والعولمة إلى استخدام المصطلحات كضرورة تمليها الحياة المعاصرة وتفرضها.. إلى استخدام تفرضه السياسة، وتوظف الإعلام لتسويقه. وهي مسألة دقيقة عندما نعرف أن دوائر ومؤسسات متخصصة وذات تقنيات وإمكانيات عالية، اشتغلت على هذا الموضوع بقصد تسويق وتمرير ليس فقط مشاريعها السياسية، بل ثقافتها. فكلنا نتذكر مصطلح الشرق الأوسط الذي ابتدات الدوائر البريطانية تسويقه إعلامياً عبر البي بي سي منذ قرابة ستين عاماً، وكتب عنه دارسون ومهتمون، وعن حيثياته ودلالاته، منها أنه يقصي مفهوم الوطن العربي.. مثلاً.
عموماً، صار الموضوع أكثر دقة وخطراً، عندما تدخّل المصطلح إلى تمثيل مواقف جهات دولية من قضايا السياسة والأحداث الدائرة.. فبرز مصطلح الإرهاب، وأول من استخدمه هي إسرائيل عندما وصمت المقاومة الفلسطينية بالإرهاب وأسمتهم رسمياً قي البداية مخربين ثم إرهابيين.
الإرهاب مصطلح امتد إلى المنطقة العربية كلها والعالم كله، لكن باختلاف الدلالات والمعاني، مع أن الإرهاب واحد معروف، لكن الغرب الذي يراه إرهاباً حين يهدد مصالحه، وليس كذلك عندما يكون موجهاً ضد الشعوب والدول التي تعارض سياساته.
فجماعات الإسلام السياسي التي تتوسل العنف بمواجهة السلطات القائمة، هي إرهابية بكل تأكيد. حتى الأحزاب كالإخوان المسلمين الذين أطلق عليهم الإعلام في كل من سوريا ومصر هذا الوصف.. بينما امتنعت الأردن ودول الخليج عن تسميتهم إرهابيين.. هذه الجماعات الآن لا ينطبق عليها عند الغرب مفهوم الإرهاب، والأمر مفهوم.. ففي مصر وسوريا ومن خلال العنف والقتل أصبح مفهوماً أن يكونوا إرهابيين في نظر الدولة والإعلام.. وحتى في نظر الناس.. لكن هذا لا ينفي تلبّسه بالسياسة التي رأيناها تنزع الإرهاب عن الإخوان أثناء حكم مرسي في مصر.. ثم عودته للتداول بعد سقوطه.. أيضاً.. سوّق الغرب مصطلح المجاهدين الأفغان، وحتى الآن يتم تدواله. وقد صنفتهم أميركا مؤخراً بأنهم إرهابيون بعد أفول مشروعها في أفغانستان. وكانت هي التي سوفت المصطلح بمواجهة السوفييت قبل ذلك.
إذاً، المسألة تدور بين الحاجة للمصطلح كضرورة حياتية وثقافية، ويكون واحداً لدى الجميع بالعموم.. ولا حاجة للاختلاف عليه، كمصطلح الأدب النسائي مثلاً.. وبين عسف المصطلح الذي يتبدى في اختياريته وانتقائيته من قبل جهة سياسية أو سلطوية معينة.. سواء كانت محقة بنظر الكثيرين أو لا. ولو دل فعلهم على أنهم إرهابيين بالفعل.. لا يكتسب هنا عموميته بالطبع.. فمن هو إرهابي في سوريا، هو مجاهد في السعودية أو في تركيا.
حتى مصطلح المرتزقة الذي ظهر في أوائل القرن الماضي في الدولة العثمانية.. صار يخضع الآن إلى مستويات التقييم السياسي، كما لدى المجندين الذين تستخدمهم تركيا في سوريا وليبيا الآن وتسميهم مجاهدين.
أخيراً.. يبدو أن الدور المنوط بالمصطلح كمفهوم، قد اكتسب أهميته من عملية تداوله. ولا يخفى ما للإعلام من دور خطير في تسويق المصطلحات التي تخدم مشاريع سياسية معلنة أو مستورة. ويبقى للمصطلح العام المتفق عليه في العلم والتكنولوجيا والأدب والصحافة والمؤسسات القانونية والطبية والثقافة عموماً، سمة الثبات والديمومة مقابل التغير والتبدل الذي يمكن أن يحصل في حقل السياسة.

التاريخ: الثلاثاء23-6-2020

رقم العدد :1003

آخر الأخبار
عودة أولى للمهجّرين إلى بلدة الهبيط.. بداية استعادة الحياة في القرى بعد التهجير قرار حكومي لمعالجة ظاهرة البنزين المهرب .. مدير محروقات لـ"الثورة": آلية تسعير خاصة للمحروقات لا ترت... القطاع العام في غرفة الإنعاش والخاص ممنوع من الزيارة هل خذل القانون المستثمر أم خذلته الإدارات ؟ آثار سلبية لحرب إيران- إسرائيل سوريا بغنى عنها  عربش لـ"الثورة": زيادة تكاليف المستوردات وإعاقة للتج... تصعيد إيراني – إسرائيلي يضع سوريا في مهبّ الخطر وحقوقي يطالب بتحرك دبلوماسي عاجل جرحى الثورة بدرعا : غياب التنظيم وتأخر دوام اللجنة الطبية "ديجت" حاضنة المشاريع الريادية للتحول الرقمي..خطوة مميزة الدكتور ورقوزق لـ"الثورة" : تحويل الأفكار ... " الثورة " ترصد أول باخرة محملة 47 ألف طن فحم حجري لـ مرفأ طرطوس دعم مفوضية شؤون اللاجئين والخارجية الأميركية "من الخيام إلى الأمل..عائلات سورية تغادر مخيم الهول في ... قريبًا.. ساحة سعد الله الجابري في حلب بحلّتها الجديدة لأول مرة .. افتتاح سوق هال في منطقة الشيخ بدر الفلاح الحلقة الأضعف.. محصول الخضراوات بحلب في مهب الريح في حلب .. طلبة بين الدراسة والعمل ... رهان على النجاح والتفوق جيل بلا مرجعية.. عندما صنعت الحرب والمحتوى الرقمي شباباً تائهاً في متاهة القيم التقاعد: بوابة جديدة للحياة أم سجن الزمن؟. موائد الحرب تمتلئ بكؤوس النار ويستمر الحديث عنها.. العدالة لا تُؤخذ بالعاطفة بل تُبنى بعقل الدولة وعدالة القانون سيارة "CUSHMAN" المجانية.. نقلة حيوية للطلاب في المدينة الجامعية ميلان الحمايات الحديدية على جسر الجمعية بطرطوس..واستجابة عاجلة من مديرية الصيانة المعلمون المنسيون في القرى النائية.. بين التحديات اليومية وصمود الرسالة التربوية