ثورة أون لاين -رنا بدري سلوم:
وحدها الشائعة تلوك أدمغتنا، تكون وهماً لتصير حقيقة مؤلمة، ننجر وراءها لاهثين نحو الحقيقة المجردة التي تعرّيها لكن بلا فائدة مرجوة، ننتظر المسؤول كي ينفي أو يؤكد. فيخذلنا هو أيضاً، ننتظر المواطن أن يتبع ضميره ويقاوم، لكن بلا جدوى يشاركها على مواقع التواصل الاجتماعي ويؤكدها وهو لا يعلم مصدرها،لتصير أقوى منا، وتحكمنا على هواها فنلين ولاسيما أن “الإنترنت “هو المكان الأسرع والأكثر تداولاً للشائعات غير الحقيقية”.
فلا نحن نصدق أنفسنا ولا نصدق المسؤول، ونضيع مجبرين بالتعلق وراء إشاعة قد يكون لها مآرب ربحية اقتصادية أولاً وأهداف سياسية تالياً تسبب الارتباك للمستهدف من تلك الشائعة التي تراها الدكتورة “رشا شعبان” أستاذة في علم النفس جامعة دمشق، أن السبب في انتشارها كالنار في الهشيم قد يكون الغموض الإعلامي وانعدام الحوار الشفاف بين المواطن والمسؤول، فمن الضروري تزويد المواطن بالمعلومات التفصيلية حتى يكون على بينة مما يدور حوله من تطورات على جميع الأصعدة، وكي لا يضطر ذاهباً في غياهب المجهول سالكاً طريق الشائعة، مبينة أن ما نراه على أرض الواقع المؤلم هو من صنعنا، كما حصل في شائعة نقص كمية الأدوية المفتعل وتصديق المواطن أن الدواء سيفقد من السوق خلال أيام،إذا هي الشائعة التي أخذت صداها على سبيل الذكر لا الحصر، ليهرع المواطن إلى الصيدليات ويشتري الكثير منها وهو ليس بحاجة لها نتيجة لما سمعه من ارتفاع الأسعار أيضاً، وهنا قد حولها إلى حقيقة بغير قصد فيفقد الدواء، بعكس ما أراد المسؤول تأكيده للمواطن الذي ضاق ذرعاً من قانون ” قصير” بعد حرب دامت عشر سنوات منتظراً بلهفة الفرج ليتنفس الصعداء وليفاجأ أنه يحارب في قوت يومه لتأخذ الحرب وجهاً آخر أبشع وأقذر، يحارب في لقمة عيشه وهو جزء من الحرب العسكرية التي فشلت أمام بطولات وتضحيات الجيش العربي السوري الباسل.
وقالت شعبان : نحن أمام حرب ثقافية ونفسية، حرب عدوانية شمولية بلا شك، لأن الشعب السوري يحارب في أسباب بقائه ليس في تغير وجهته الوطنية فحسب وعليه إدراك تلك المؤامرة في إثارة الشائعات المغرضة على المستويين الداخلي والخارجي، ومن هنا كان لابد له أن يعبر بوعي رافضاً العقوبات الجائرة بحقه كإنسان أولاً وسوري مسؤول تالياً.وأضافت شعبان في ردها على تسائلنا في إعادة ثقتنا بأنفسنا أمام كل ما يقوم به الشعب السوري سواء أكان مجبراً على الصبر، مالاً الانتظار وفوضى الشائعات التي تمر في دربه، ولاسيما أنه كان ضحية ما عاناه من تجار الأزمات وجشعهم وما امتهنوه من أعمال لا تمت للضمير بصلة: إنه لابد من “المحاسبة” القانونية برأيها من خلال محاكمة ومعاقبة كل من تاجر في لقمة عيش المواطن، فلا الظهور الإعلامي يعيد الثقة ولا حتى التجمعات إن لم يكن هناك رادعاً قانونياً يهابه سماسرة الأزمة أياً كانوا وفي أي دولة من دول العالم، وختمت شعبان قولها: إن الشائعة لا تأتي من فراغ بل تنتج عن عاملين “الأهمية والغموض” وهما عاملان يطوران الإشاعة التي ليس لها رادع إلا في إثبات صحتها أو نفيها من مصدر مسؤول، عدا عن آثارها النفسية والحسية في المجتمع فهي بمقدورها أن تجعل الصواب خطأ والخطأ صواب بالسيطرة على عقول المجتمع وتشرّبه لها، فاحذروا أن تصدقوا كل ما يقال.