التفتت العديد من المؤسسات الحكومية إلى أهمية الانترنت والتواصل الاجتماعي في حل قضايا ومشكلات العديد من المواطنين.. من هذا الجانب تم إطلاق صفحة وموقع جريح الوطن الرسمية، لتأخذ على عاتقها الرّد على تساؤلات الجرحى وذويهم وحل مشكلاتهم والتواصل معهم ومساندتهم في قضاياهم وشؤونهم، هؤلاء الشهداء الأحياء الذين قدموا أغلى ما لديهم وقطعةً من أجسادهم تناثرت على ثرى الوطن، دفاعاً عن سيادته وكرامته..
قصص وحكايات يرويها الأبطال، وترويها عيون مازالت تبصر نور الحياة، وأجساد تتعكّز على أرواح نقيّة آثرت البقاء عوناً وسنداً للأحبة، تنهل من عطاءات إنسانية ونبض لن يتوقف…
حكايات الجرحى في تلك الصفحة تجعلنا في موضع تأمّل الصلة العريقة بين الألم والوجع والعنفوان والطب والأدب، فالأدب لم ينصف تلك الأرواح في فنونه، ولم تتطرق الدراما إلى خصوصية تجاربهم الإنسانية والحياتية، ولكن لن ننكر على السينما السورية محاولاتها خوض غمار تجارب الجرحى، ولكن ليس بعمق سلوكياتهم وعمق طرائق تفكيرهم…
كل تلك المشاعر التي تمور في الدواخل لا بدّ لها أن تجد وسيلة للتعبير عن نفسها، وأجمل وسائل التعبير هو القصص والحكاية، وفن الحكاية في حالة هؤولاء الجرحى تتفوق على فن القصة الأدبية من حيث التكنيك أو خصوصية السرد، لأن تجارب جرحى الوطن يستطيع أيّ كاتب أو أديب أن يقصّها ويحكيها على السجية الأدبية الصافية الخالصة، لأنها لا تحتاج محاكاة للأساليب المعقدة من القصّ..
البسطاء من هؤلاء الجرحى والبسطاء من القرّاء سيجدون متعة في تأمل هذه الحكايات، فضلاً عن عمق ما يمكن أن تحويه إذا ما انبرى بعض المثقفين لخوض غمارها من التقاط ذكي للموقف الجدير بالقصّ ومن تأمّل لأعماق الحدث..
من مفكرة جريح يمكن للفن والأدب أن يدوّن ويستقي قصصاً نبيلة صادقة في البطولة والوفاء والعطاء، من دون تدخل تخييلي ومن دون تلاعب لفظي، فالفكرة الصافية تقدمها تجربة إنسانية لجريح ثرية، يحكي من خلالها هؤلاء الأبطال كل ما أرادوه وما سمعوه وأحسّوا به سابقاً وما يعيشونه الآن، فبعضهم يحاول ستر ضعفه وألمه بكبرياء مقاومة الضعف والانكسار والنهوض للاستمرار، وترى حالات حزن وبكاء وحالات ابتهاج وشفاء وبسمة رضية تعود إلى الشفاه، جزاء الرجولة والبطولة وجزاء الوقوف إلى جانبهم بمشاريع تستمر معها عجلة الحياة..
هناء دويري – رؤية