البؤس الحضاري

في غمرة الأفراح التي تسود العالم حين الوصول إلى اكتشاف ما، ثمة بذرة سوداء تكبر وتنمو وتمضي إلى أن تصبح العلامة الفارقة في المستقبل، لا أحد في العالم يجادل بضرورة التقنيات وأهميتها، فهذه مسلمات انتهينا منها, ولكن هل من أحد يستطيع أن يقول إنها لم تنحرف عن مجالاتها؟.

ألم نحرفها نحن مستخدميها، وأخذناها إلى أماكن أخرى، غير التي يجب أن تكون لها، سارتر حين عرف المثقف قال: إنه من يتخذ موقفا ما ويدافع عنه، طبعاً موقف لمصلحة البشرية، وبسّط الأمر كالتالي: هناك عالم تقني, وعالم تقني مثقف، فالعالم في الذرة الذي يبحث ويقدم، دون أن يتخذ موقفاً من الكوارث التي يمكن أن يتركها التطور النووي على البشرية، هو عالم تقني محايد، أما إذا اتخذ موقفاً ونبّه إلى ضرورة الاستخدام السليم لها، وحذّر من الكوارث التي تسببها، فهذا مثقف يعرف أن العالم يواجه مصيراً بائساً، بغض النظر عما يمضي به نحو التقدم المطرد.

من هنا، يبدو الكون كله في مهب الريح، والبؤس والحرمان, بل أصبح أكثر توحشاً وخطورةً ووعورةً مما كان عليه في القرون الماضية، بغض النظر أيضاً عما نراه من رفاهية، لكنها تدخلنا في الاستلاب الحضاري والتقني، وتجعلنا غرباء عن حيواتنا وأنفسنا وقيمنا.

هل نعدد جوانب ذلك، أظن أننا لسنا بحاجة لذلك، فما من أحد منا إلا ويعيش بعضا من تلك الجوانب، في الغرب المدعي الحضارة والتقنية ويتاجر بالقيم والمبادئ، كان لبعض المفكرين مواقف صريحة، وحادة، أطلقوا صرخات التحذير من أن العالم يعيش بؤسه الإنساني والمعرفي، وبالتالي دخل مرحلة التيه التي لا يمكن لأي قوة معرفية أو اقتصادية أن تخرجه منها، إلا إذا عاد إلى إنسانيته الحقيقية وقيمه.

لقد غدونا عبيد الآلة التي حولتنا إلى آلات لها أيضاً ننتظر ما تنتجه لنستهلكه دون أن نعيش لذة الفعل ومعاناة الأرق الخلاق الذي يصل بنا إلى نتائج ننتظرها بعد أن بذلنا العرق والجهد من أجلها، من هنا كان الصدع الأكثر خطورة في العالم، الصدع الاجتماعي والطبقي والمعرفي، لقد عدنا الى جاهليتنا التي لا تعني الكبرياء والعنفوان، بل تحمل معاني الظلم الإنساني والحضاري، ودخلنا عصر التيه الكبير، وسنجد الكثير من تفاصيل هذا التيه فيما كتبه: جورج بالانديه في كتابه المهم: (في الطريق إلى القرن الواحد والعشرين – التيه) وقد اختصره ذات يوم المفكر السوري شاكر مصطفى حين قال في كتابه (حضارة الطين): لقد جعلنا منا العالم أنصاف آلهة قبل أن نستحق أن نكون بشراً.. طبعاً آلهة بالقدرة على التدمير والفتك، وليس الإنسانية.

معا على الطريق – ديب علي حسن

آخر الأخبار
مسؤولان أوروبيان: سوريا تسير نحو مستقبل مشرق وتستحق الدعم الرئيس الشرع يكسر "الصور النمطية" ويعيد صياغة دور المرأة هولندا.. جدل سياسي حول عودة اللاجئين السوريين في ذكرى الرحيل .. "عبد الباسط الساروت" صوت الثورة وروحها الخالدة قوات الاحتلال الإسرائيلي تواصل خرقها اتفاق فصل القوات 1974 "رحمة بلا حدود " توزع لحوم الأضاحي على جرحى الثورة بدرعا خريطة طريق تركية  لتعزيز العلاقات الاقتصادية مع سوريا قاصِرون خلف دخان الأراكيل.. كيف دمّر نظام الأسد جيلاً كاملاً ..؟ أطفال بلا أثر.. وول ستريت جورنال تكشف خيوط خطف الآلاف في سوريا الأضحية... شعيرة تعبّدية ورسالة تكافل اجتماعي العيد في سوريا... طقوس ثابتة في وجه التحديات زيادة حوادث السير يُحرك الجهات الأمنية.. دعوات للتشدد وتوعية مجتمعية شاملة مبادرة ترفيهية لرسم البسمة على وجوه نحو 2000 طفل يتيم ذكريات العيد الجميلة في ريف صافيتا تعرض عمال اتصالات طرطوس لحادث انزلاق التربة أثناء عملهم مكافحة زهرة النيل في حماة سوريا والسعودية نحو شراكة اقتصادية أوسع  بمرحلة إعادة الإعمار ماذا يعني" فتح حساب مراسلة "في قطر؟ أراجيح الطفولة.. بين شهقة أم وفقدان أب الشرع في لقاء مع طلاب الجامعات والثانوية: الشباب عماد الإعمار