إفتتاحية الثورة – بقلم رئيس التحرير – علي نصر الله:
قطعَ بنيامين نتنياهو رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي الأول من تموز 2020 – غداً – مَوعداً لإعلان خطة الضم في الضفة الغربية المحتلة – ضم 30% من مساحة الضفة للكيان الغاصب – والبدء بالإجراءات التي تَضمنتها أصلاً خطة دونالد ترامب المُسماة “صفقة القرن”.
وفودٌ أميركية تَروح وتَجيء في زيارات مَكوكية لم تتوقف منذ عدة أشهر، التقت خلالها نتنياهو وشريكه في السلطة بيني غانتس، وعَقدت عشرات الاجتماعات مع الطواقم الفنية والأمنية الصهيونية، الأحزاب، أعضاء الكنيست، جنرالات جيش الاحتلال من الحاليين والسابقين، وطيف واسع من قادة الصف الأول في مُكونات مُجتمع المستوطنين المُوزعين على طرفي قوس التطرف والعنصرية الذين يَحلو للبعض فَرزهم بين يمين ويسار!.
في الأثناء، مَلأ الأوروبيون الفضاء صَخباً فارغاً، فتناثرت المواقف الغربية المُتصهينة بين التحذير من تنفيذ خطة الضم، وبين التعبير عن القلق من الذهاب إليها في هذا التوقيت، غير أنّ صوتاً أوروبياً واحداً لم يَرتفع بالرفض!!
أوروبا العجوز بأكملها ككذبة كُبرى تَطرح ذاتها في سياقات حماية الحرية والعدالة وحقوق الإنسان، لا يَخرج منها صوت واحد يَرفض! موقف واحد لم يَصدر حتى عن مُنظماتها غير الحكومية التي تَدعي الدفاع عن العناوين المُتعددة الكاذبة التي تَتَشدق بها!
في الولايات المتحدة ذاتها راعية الإرهاب الصهيوني المُنظم، والتكفيري المُنتشر كسرطان في المنطقة والعالم، هناك خلاف بين تيارات داخل إدارة ترامب وخارجها، بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري وداخلهما حول خطة الضم، غير أنّ الخلاف لا يَتمحور حول القبول أو الرفض، وإنما حول التوقيت، توقيت الإعلان، وتوقيت البدء بالإجراءات!.
الذي نُريد قوله بلا استرسال ومن دون إطالة: إنّ ما تَقدم لا يَعني إلا أمراً واحداً، ولا يُفهم منه إلا مَعنى واحدٌ، أميركا المُتصهينة ومعها الغرب الصهيوني، كُتلة واحدة تَصطف خلف الكيان الصهيوني، تُؤمن بتلموده المَزعوم، وتَتَخندق في خندق واحد مع قطعان مُستوطنيه، هدفها لم يَعد يَقتصر على تَمزيق القرارات الدولية المُتعلقة بالقضية الفلسطينية، بل فِعل كل ما يمكن فِعله لتحقيق المُخططات الصهيونية، وبما يُصفي قضية فلسطين: حقوق الشعب الفلسطيني، عودة اللاجئين، الدولة المستقلة، القدس، مُقدسات المسيحيين والمسلمين .. إلى آخره.
الخلافُ الدائر داخل الكيان الصهيوني، داخل الولايات المتحدة، وفي أوساط أوروبا، هو خلاف التوقيت فقط، أي إنّ البحث يَجري عن تَوقيت أفضل من ذلك الذي قَطعه نتنياهو وترامب، يَضمن تَمرير خطة الضم وتَنفيذها بلا أضرار أو تَداعيات، تَمهيداً لتطبيق صفقة القرن بخطوات لاحقة تُهود كامل فلسطين ولا تُبقي منها شيئاً.
بالمُقابل، ينبغي السؤال: ما مَوقف الجامعة العربية التي اختطفها أعراب الخليج؟ ما الذي فَعلته أو تَعتزم فِعله؟ لا شيء سوى التثاؤب ومُباركة التمويل السعودي لصفقة القرن، وبَيان الاستعداد التام لتأدية كل الأدوار المَطلوبة اليوم وغداً.
قَتامة المَشهد المُرتسم بنتيجة مُلامسة ما يَجري، لا تُبددها إلا حركة فلسطينية غير نَمطية تَنطوي على اتخاذ خطوات عمليّة مُباشرة، إذا كانت الأُولى تُوجب إنهاء حالة الانقسام الفلسطيني وإجراء المُصالحة وتَوحيد الموقف والجبهات، فإنّ الثانية تُوجب إسقاط أوسلو والانسحاب منه، ولا بُدّ أن تترافق الأُولى والثانية مع إعلان التمسك بخيار المقاومة ضد الاحتلال، وتفعيله وترجمته في غزة والضفة وداخل أراضي 48 الفلسطينية المُغتصبة.
الحركةُ الفلسطينية غير النَّمطية المَطلوب القيام بها، سواء تَمّت، أم جَرى اتخاذ جزء منها على مُستوى السلطة وفصائل المقاومة الوطنية، فإن الشعب الفلسطيني سيَجد محور المقاومة إلى جانبه، وسورية في المُقدمة منه.
إنّ صمود الفلسطينيين كافٍ ليُسقط خطة الضم ويُمزق صفقة القرن، ويَقيناً نَقطع بأن المَشهد بأكمله سيَتغير. خلفَ الحماقة الأميركية توتر وقلق، ووراء الاستعجال الصهيوأميركي مَخاوف يُقيم فيها ترامب ونتنياهو، هي حقيقية .. نعم هي حقيقية، فهذا زمنُ الانتصارات التي تَكتبها بثقة سورية ومحور المقاومة.