في كل مرة ينتظر فيها المواطن ما يثلج قلبه و لو بأدنى منسوب، يفاجأ بقرار يربك مسير حياته المعيشية من جديد، وآخرها قرار رفع أسعار السكر والرز “المقنن” في صالات ومنافذ بيع “السورية للتجارة” الذي كان وقعه مخزياً، لينتهي الأمر بدعوة من وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك المعنيين لإعادة الدراسة.
في وقت كان من المترقب التراجع كلياً عن هذا القرار المتناقض مع كل الاجتماعات السابقة بالتجار ومطالبتهم بخفض أسعارهم ومقاربتها من القدرة الشرائية للمواطن، لتكون الصدمة بمقاربة أسعار السورية للتجارة من أسعار السوق، وهذا ما يتنافى مع دور هذه المؤسسة في التدخل الإيجابي لصالح المواطن وإنقاذه من مقصلة الأسعار الكاوية، ومهما تكن أسباب رفع الأسعار فإن النتيجة غير مبررة لا لجهة الزمان ولا المكان.
ولعل ثمة من يقول: ماذا تشكل كمية قليلة من السكر والرز التي يأخذها المواطن من صالات السورية للتجارة عبر البطاقة بالنسبة لحاجته الفعلية من مختلف المواد؟
لكن ثمة من يرى في الخطوة تطبيقاً لمثل (بحصة تسند جرة) ؛ بل إنها بمثابة دعم معنوي ومادي يحاكي في معناه الدعم المقدم من الدولة لمادة الخبز واستمرار هذا الدعم في أحلك الظروف، كما أن رفع سعر هاتين المادتين الأساسيتين من قبل جهة جل عملها ضبط الأسعار يعتبر مؤشراً سلبياً على حال السوق وإمكانية التعويل على استقرار الأسعار في المدى القريب.
على أي حال، التناقض المتكرر في القرارات لجهة من المفترض أنها مسؤولة عن ضبط الأسعار ربما يذهب بها بعيداً عن مهمتها، خاصة إذا ما كانت القرارات المتخذة من دون أي تمهيد أو سابق إنذار مهما كانت الأسباب، ولابد من العودة والمراجعة من جديد للعب دور حقيقي يعطي جرعة من الأمل لمواطن أرهقته وطأة الأسعار.
ولعل التعويل كان كبيراً في نجاح السورية للتجارة بمهمتها لتكون التاجر الأول، وربما ثمة من فهم المقولة خطأً، واعتقد وبفهم متواضع أن المقصود بالتاجر الأول أن يكون أول من يتوجه إليه المستهلك لحماية نفسه من جشع المحتكرين والمتلاعبين، وبذلك يكون الرابح والمنافس الأقوى في ضبط الأسواق.
الكنز- رولا عيسى